علي بن محمد بن العباس أبو حيَّات التوحيدي . شيرازي وقيل نَيْسابوري وقيل واسطي . صوفي السَّمْت والهيئة . قال ياقوت : كان يتألَّه والناس على ثقة من دينه . وقال محبُّ الدين بن النجَّار : كان صحيح العقيدة . وكذا قال غيره والمتأخّرون حكموا بزندقته . قال الشيخ شمس الدين : كان سيِّئ الاعتقاد نفاه الوزير المهلَّبي . قال ابن فارس في كتاب الخريدة والفريدة : كان كذَّاباً قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبُهتان تعرَّض لأُمور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل . ووقف الصاحب كافي الكُفاة على بعض ما كان يخفيه من ذلك فطلبه لقتله فهرب والتجأ إلى أعدائه ونفق عليهم بزخرفة كذبه . ثمَّ عثروا منه على ذلك فطلبه الوزير المهلَّبي فهرب منه ومات في الاستتار .
وقال ابن الجوزي في تاريخه : زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوَندي وأبو حيَّان التوحيدي وأبو العلاء المعري وأشرّهم على الإسلام أبو حيَّان التوحيدي لأنَّهما صرَّحا وهو جَمْجَم . وهو من تلامذة الرماني .
قال الشيخ محيي الدين النووي في تهذيب الأَسماء : أبو حيَّان التوحيدي من أصحابنا المصنَّفين . من غرائبه أنَّه قال في بعض رسائله : لا رِباء في الزَّعفران . ووافقه عليه القاضي أبو حامد المَرْوَزي . والصحيح تحريم الربا فيه .
قال ياقوت : وصحب ابن عبَّاد وابنَ العميد فلم يحمدهما وصنَّف في مثالبهما كتاباً . وكان متفنناً في جميع العلوم من النحو واللغة والشعر والأَدب والفقه والكلام على رأي المعتزلة . وكان جاحظيًّا يسلك في تصانيفه مسلكه ويشتهي أن ينتظم في سلكه فهو شيخ الصوفية وفيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة ومحقّق الكلام ومتكلّم المحققين وإمام البلغاء وعُمدة لبني ساسان سخيف اللسان قليل الرضا عند الإساءة إليه والإحسان الذمّ شأنه والثلب دكَّانه وهو مع ذلك فرد الدنيا الذي لا نظير له ذكاءً وفطنةً وفصاحةً ومُكْنَةً . كثير التحصيل للعلوم في كلّ فنّ حُفَظة واسع الدراية والرواية . وكان مع ذلك محدوداً محارفاً يتشكَّى صرف زمانه ويبكي في تصانيفه على حرمانه . انتهى .
ومن تصانيفه : : كتاب الصديق والصداقة كتاب الردّ على ابن جنّي في شعر المتنبي كتاب الإمتاع والمؤانسة مجلدان كتاب الإشارات الإلهية جزءان كتاب الزُّلْفَة كتاب المقابسة كتاب رياض العارفين كتاب تقريظ الجاحظ كتاب ثلب الوزيرين : كتاب الحج العقلي إِذا ضاق الفضاء عن الحج الشرعي كتاب الرسالة في صلات الفقهاء في المناظرة كتاب الرسالة البغداذية كتاب الرسالة في أخبار الصوفية كتاب الرسالة الصوفية أيضاً كتاب الرسالة في الحنين إلى الأَوطان كتاب البصائر والذخائر في عشر مجلدات وله فاتحة وخاتمة كتاب المحاضرات والمناظرات .
وتوفي في حدود الثمانين والثلاث مائة أو ما بعد الثمانين والله أعلم . وقد طوَّل ياقوت ترجمته زائداً إلى الغاية . ومن شعره : .
يا صاحبيَّ دعا الملامة واقصرا ... تركُ الهَوَى يا صاحبيَّ خسارَهْ .
كم لمتُ قلبي كي يُفيق فقال لي ... لَجَّت يمينٌ ما لها كفَّارَهْ .
أن لا أُفيقَ ولا أُفَتِّرَ لحظةً ... إن أنت لم تعشق فأنت حجارَهْ .
الحبُّ أولُ ما يكون بنظرة ... وكذا الحريقُ بَداؤه بشرارَهْ .
يا من أُحِبُّ ولا أُسمِّي باسمها ... إيَّاكِ أعني فاسمعي يا جارَهْ .
المدائني الأخباري .
علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني أبو الحسن مولى سَمُرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف . بصري سكن المدائن وانتقل إلى بغداذ وتوفي بها سنة خمس وعشرين ومائتين . وولد سنة خمس وثلاثين مائة سرد الصومَ قبل وفاته بثلاثين سنة وكان قد قارب المائة . قيل له في مرضه الذي مات فيه : ما تشتهي ؟ قال : أشتهي أن أعيش . وكان قد اتَّصل بإسحاق بن إبراهيم المَوْصِلي فكان لا يفارقه وفي منزله توفّي . وكان ثقة إِذا حدَّث عن الثقات . وتصانيفه كثيرة جداً