علي بن محمد بن عبد العزيز بن فتوح بن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي القاسم ابن سعيد بن محمد بن هشام بن عمر هو الصدر الرئيس الفاضل المفنّن تاج الدين أبو الحسن بن الصاحب موفق الدين بن نجم الدين بن أبي الفتح التغلبي المَوصلي المعروف بابن الدُّرَيْهم مصغَّر درهم . والدُّريهم لقبٌ لسعيد أخي محمد بن هشام . قال في وقتٍ : دريهما فلزمه ذلك . سألته عن مولده فقال : في ليلة الخميس منتصف شعبان سنة اثنتي عشرة وسبع مائة بالموصل . قال لي : قرأتُ القرآن بالروايات على الشمس أبي بكر بن العلم سَنْجَر الموصلي وتفقَّهت على الشيخ زين الدين علي بن شيخ العُوَينة الشافعي وحفظت الهادي وبحثت الحاوي الصغير على الأشياخ منهم : القاضي شرف الدين عبد الله بن يونس من شرح والده كمال الدين الصغير . وحفظت في العربية : المُلحة وألفيّة ابن معطٍ وألفيّة ابن مالك . وبحثت في التسهيل على الشيخ زين الدين بن العُوَينة وهو الذي كمَّل شرح الشيخ جمال الدين بن مالك للتسهيل . وقرأت شيئاً كثيراً من الرياضي على الشيخ زين الدين بن العوينة . وسمعت بالديار المصرية على الشيخ علاء الدين بن التركماني وشمس الدين الأصبهاني ونور الدين بن الهمذاني صحيح البخاري . وسمعت بها صحيح مسلم وسنن أبي دواد وبعض الترمذي . وأجازني الشيخ أثير الدين أبو حيَّان وقرأت عليه بعض تصانيفه ؛ وأجازني جماعة أشياخ . انتهى .
قلت : أول قدومه إلى الديار المصرية في المَتْجَر سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين ثمَّ رجع إلى البلاد ثمَّ إنه تردَّد إلى الشام ومصر غير مرَّة وصنَّف في المترجَم وأسرار الحروف التي في أوائل السور ولم أرَ أحداً أَحدّ ذهناً منه في الكلام على الحروف وخواصّها وما يتعلَّق بالأوفاق وأوضاعها . ورأيت منه عجباً وهو أن يقال له ضميرٌ على شيء فيكتبه حروفاً مقطَّعة ثمَّ إنه يكسِّر تلك الحروف على الطريقة المعروفة عندهم فيخرج الجواب شعراً ليس فيه حرف خارجاً عن حروف الضمير . وكونه يُخرج ذلك نظماً قدرةٌ منه على تأليف الكلام . وله مشاركة في غير ما علمٍ من عربيةٍ وقراءات وأصول دين ومقالات وأصول فقه وفروع في غير ما مذهب وتفسير وغير ذلك يتكلَّم فيه جيداً كلامَ مَن ذهنه حادٌّ وقَّاد . وكانت له خصوصيَّة بالملك الكامل شعبان وبغيره من أمراء الدولة الخاصكية وغيرهم من المنعَّمين إلى أن أُغرِي به المظفَّر حاجّي فأخرجه إلى الشام قبل قتله بقليل . وورد إلى دمشق بعد شهر رمضان سنة ثمانٍ وأربعين وسبع مائة وبها اجتمعتُ غير مرَّة وكتبتُ إليه : .
نصحتك عن علم فكن لي مسلماً ... إِذا كنت مشغوفاً بحلِّ المترجَمِ .
تتلمذْ لتاج الدين تظفر بكلِّ ما ... أردتَ وزُرْ بحر الفضائل واغنمِ .
فلابن دُنَيْنيزٍ تصانيفُ ما لها ... نظيرٌ ولكن فاقها ابنُ الدُّريهمِ .
ولم يزل إلى أن ورد كتاب الحاجّ بهادُر دَوادار الأمير يوسف الدين بَيْبُغا آروس كافل الممالك بالديار المصرية إلى الأمير سيف الدين قَرابُغا دَوادار نائب الشام بإخراجه من دمشق فكُبس بيته وأُخذت كتبه وأُخرج من دمشق في إحدى الجمادين سنة تسع وأربعين وسبع مائة وتوجَّه إلى حلب وتوفي بعده الدواداران بأربعة أشهر . ثمَّ عاد إلى دمشق في شهر رمضان سنة خمسين وسبع مائة على نيَّة الحج ولم يقدَّر له الحج وعاد إلى حلب .
قاضي القضاة ابن أبي الشوارب .
علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قاضي القضاة . روى عنه ابن صاعد وأبو بكر النجَّاد وابن قانع وآخرون . قال الخطيب : كان ثقة ؛ ولما مات إسماعيل مكثتْ بغداذ بغير قاضٍ ثلاثة أشهرٍ ونصفاً حتَّى ولي عليّ بن أبي الشوارب مضافاً إلى ما بيده من قضاء سامرَّاء . توفي في شوَّال سنة ثلاث وثمانين ومائتين .
ابن القطَّان الحافظ الفارسي