قد زرتُ قبرك يا عليُّ مسلِّماً ... ولك الزيارةُ من أقلِّ الواجبِ .
ولو استطعتُ حملتُ عنك ترابَه ... فلطالما عنّي حملتَ نَوائبي .
ومن شعر علي بن يحيى المذكور يمدح المعتزّ : .
بدا لابساً بُرْدَ النبيِّ محمَّدٍ ... بأحسنَ ممّا أقبل البدر طالعاً .
سَمِيُّ البنيِّ وابن وارثه الذي ... به استشفعوا أكْرِمْ بذلك شافعا .
فلما علا الأعوادَ قام بخُطبةٍ ... تزيد هدًى من كان للحقِّ تابعا .
وكلُّ عزيزٍ خشيةً منه خاشعٌ ... وأنت تراه خشيةَ الله خاشعا .
وقال في نفسه : .
عليُّ بن يحيى جامعٌ لمحاسنٍ ... من العلم مشغوفٌ بكسب المحامدِ .
فلو قيل : هاتوا فيكمُ اليومَ مثله ... لَعَزَّ عليهم أن يجيئوا بواحدِ .
وله من الأولاد : أبو عيسى أحمد وأبو القاسم عبد الله وأبو أحمد يحيى وأبو عبد الله هارون .
الأرمني صاحب الغزو .
علي بن يحيى الأرمني صاحب الغزو والجهاد . كان شجاعاً وله نكايات في الروم . كان قد قفل من إرمينية إلى مَيّافارقين وبلغه مقتل عمر بن عبد الله الأقطع فعاد يطلب الروم ؛ فالتقوه فقاتلوه قتالاً شديداً وقُتل هو وقُتل معه أربع مائة رجل من أبطال المسلمين سنة تسع وأربعين ومائتين .
صاحب المهديّة .
علي بن يحيى بن تميم بن المُعزّ بن باديس السلطان أبو الحسن الصُّنهاجي ملك الغرب . ولد بالمهديّة في صفر سنة تسع وتسعين وأربع مائة وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وخمس مائة . تولى الملك عند وفاته والده وكان صارماً حازماً صاحب عزم وشهامة وفوَّض الأمر إلى ولده الحسن الذي أخذ الفرنجُ من المهدية وكان الحسن آخر سلاطينهم .
ومن شعر علي بن يحيى المذكور : .
وسالبةٍ عقلي بحُسن دلالها ... وقدٍّ لها مثلِ السِّنانِ المُقوَّمِ .
منها : .
فمالَتْ إلى وصلي فنلتُ بها المنى ... وبتُّ صريعاً بين جيدٍ ومِعْصَمِ .
فلم أرَ أحلى منه وصلاً فحبَّذا ... وصالٌ أتى من بعد هجرٍ مُحَكَّمِ .
وكان أبوه يحيى بن تميم قد ولاّه سفاقس فلما مات والده فُجاءةً على ما يأتي ذكره إن شَاءَ الله تعالى في حرف الياء في مكانه اجتمع أعيان الدولة على كتاب كتبوه إليه عن أبيه يأمره بالوصول إليه مسرعاً فوصله الكتاب فخرج مسرعاً ومعه جماعة من أمراء العرب وجدَّ في السير فوصل إليهم ودخل القصر يوم الخميس الثاني من يوم العيد يوم مات والده . ولم يُقدِّم شيئاً على تجهيز والده وصلّى عليه ودفنه . وفي صبيحة يوم الجمعة ثالث عشر ذي الحجَّة سنة تسع وخمس مائة جلس للناس ودخلوا عليه وسلّموا عليه بالإمارة وركب في جموعه وجيوشه .
وفي أيّامه توجَّه أخوه أبو الفتوح بن يحيى إلى مصر ومعه زوجته بُلاّرة بنت القاسم وولده العباس الصغير على الثدي ووصل الإسكندرية وأُنزل وأكرم بأمر الآمر صاحب مصر فأقام بها مدةً يسيرة وتوفي فتزوّجت بعده بُلاّرة الزوجة المذكورة بالعادل عليّ بن سلاّر . وشبَّ العباس وقدَّمه الحافظ صاحب مصر وولي الوزارة بعد العادل المذكور .
نجم الدين بن بِطريق .
علي بن يحيى بن بِطريق نجم الدين أبو الحسن الحلِّيّ الكاتب . كتب بالديار المصرية أيّامَ الدولة الكاملية . ثمَّ اختلّت حاله فعاد إلى العراق ومات ببغداذ سنة اثنتين وأربعين وست مائة . وكان فاضلاً أُصوليًّا .
نقلتُ من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال : أنشدني لنفسه بدمشق وكتب بهما إلى ابن عُنَيْن عند وصوله إلى دمشق وكان به جربٌ انقطع بسببه في داره : .
مولاي لا بِتُّ في همّي وفي نَصَبي ... ولا لقيتَ الذي ألقى من العربِ .
هذا زماني أبو جَهْلٍ وذا جربي ... أبو مُعَيْطٍ وذا قلبي أبو لَهبِ .
قلت : كذا وجدته وأظنه : ولا لقيت الذي ألقى من العطب أو التعب . قال : وأنشدني لنفسه وقد بلغه أن الملك الأشرف قد أعطى شرف الدين الحلِّي الشاعر سيفاً محلَّى وتقلَّد به وتشبّه بالحَيْص بَيْص : .
تقلَّد راجح الحلّيُّ سيفاً ... محلَّى واقتنى سُمْرَ الرّماحِ