وحلفتُ أنَّكَ سوف تهجرُ عاشقاً ... وتُذيقُه من هجرك الداء الخفي .
فوفيتَ ثمَّ حلفتَ أن ستذيقُه ... بَردَ الوفاءِ إِذا وصلتَ فلم تَفِ .
ومنه في ناسخٍ له : .
وقالوا : تابَ عن شربِ الحُمَيَّا ... فقلتُ لهم : كذبتم ما يتوبوا .
وكيف يتوبُ عن فعلٍ دَنِيٍّ ... فتًى قد جُمِّعَتْ فيه العيوبُ ؟ .
ابن الصَّفَّار المارديني .
علي بن يوسف بن شيبان جلال الدين النُّميري المارديني المعروف بابن الصَّفَّار . وتوفِّي سنة ثمانٍ وخمسين وست مائة عن ثلاث وستين سنة قتله التتار لمَّا ملكوا ماردين . ومن شعره : .
هلِ اختطَّ فانآد غصناً وريقا ... غريرٌ حكى الكاسَ ثغراً وريقا .
أمِ الصُّدغُ لمَّا صفا خدُّهُ ... تمثَّل فيه خيالاً دقيقا .
رنا فرمى أسهماً وانثنى ... رشيقاً فراح كلانا رشيقا .
وأبدع فيه فما لي أرى ... له الخدَّ وهْو فريدٌ شقيقا .
وما بالُ مبسمه مبسماً ... وما ملكته يمينٌ رقيقا .
ومنه : .
ويومِ قُرٍّ يَدُ أنفاسه ... تُمزِّقُ الأوجهَ من قَرْصِها .
يومٌ تَوَدُّ الشمسُ من بردهِ ... لو جرَّتِ النارَ إلى قُرصِها .
قلت : أخذه من قول القاضي الفاضل : في ليلةٍ جمد خمرُها وخمد جمرها إلى يومٍ تودُّ البصلةُ لو ازدادت إلى قُمصها والشمسُ لو جرَّت النارَ إلى قرصها . ومنه : .
ما برحتْ يوم وداعي لها ... تضمُّني ضمَّةَ مستأنسِ .
حتَّى تثنَّى الغصنُ فوق النَّقا ... وانتشر الطلُّ على النرجسِ .
ومنه : .
رَدَّتْ يداهُ إلى ذؤابته ... صُدغيهِ لمَّا أمكنَ الرَّدُّ .
فإذا أساودُه ثلاثتها ... فردٌ وكلُّ ثلاثةٍ فردُ .
ومنه : .
أمِن هلالٍ أنتَ يا وجهه ... البادي بهذا المنظر الأزهرِ ؟ .
وجهٌ من الرُّوم ولكنْ له ... في الخدِّ خالٌ من بني العنبرِ .
بعني بأغلى ثَمَنٍ نظرةً ... أحيا بها يا طلعةَ المشتري .
ومنه : .
تعشَّقتهُ أُمِّيَّ حُسن فما له ... أتى بكتابٍ ضِمنهُ سورَةُ النملِ ؟ .
وما لي أنا المجنونُ فيه وشَعره ... إِذا مرَّ بالكثبانِ خطَّ على الرملِ ؟ .
قلتُ : هو مثل قول الآخر : .
وتركيٍّ نقيِّ الخدِّ ألمى ... بقدٍّ ماس كالغصنِ الرطيبِ .
له شَعرٌ حكى مجنونَ ليلى ... يَخُطُّ إِذا مشى فوق الكثيبِ .
ومن شعر ابن الصّفّار يذمُّ قلم الحساب : .
ما لي وللقلم المتهوم صاحبهُ ... وللحساب الذي يُصبي تصفُّحهُ .
صناعةٌ قلَّ أن تصفو النفوسُ لها ... وأيُّ وهمٍ طَرا فيه يُصحِّحُهُ .
وفي البطالة للمرءِ السلامَةُ من ... سوءِ الظنونِ وخيرُ العيشِ أَرْوَحهُ .
ومنه : .
وأعجبُ شيءٍ أنَّ ريقَك ماؤه ... يولِّدُ دُرًّا وهو عذبٌ مروَّقُ .
وأنَّكَ صاحٍ وهو في فِيك مُسكِرٌ ... وأنتَ جديدُ الحُسنِ وهو مُعَتَّقُ .
وكتب جلال الدين بن الصفار المذكور الإنشاء للملك الناصر ناصر الدين أَرْتُق صاحب ماردين ثمَّ عُزل عن الكتابة وتولَّى الإشراف بديوان دُنَيْسِر ثمانِ عشرة سنةً ودخل إلى إربل مرتزقاً سنة سبع وعشرين وست مائة . ومن شعره أيضاً : .
ويومٍ حواشيه مَلمومَةٌ ... علينا تُحاذِرُ أن تُفرَجا .
قنصْتُ غزالته والتفتُّ ... أُريدُ اخْتَها فاحتمتْ بالدُّجى .
ومنه : .
إِذا هبَّ النسيمُ بطيبِ نشرٍ ... طربتُ وقلتُ : إيهٍ يا رسولُ .
سوى أنِّي أغارُ لأنَّ فيه ... شذاك وأنَّه مثلي عليلُ .
ومنه : .
تجمَّعتِ الأضدادُ فيه ولم يكن ... ليجتمعَ الإيجابُ في الشيءِ والسلبُ .
ففي خدِّه نارٌ وفي الثغرِ جنَّةٌ ... وفي لفظه سِلْمٌ وفي لحظهِ حربُ .
وفي قدِّهِ لينٌ وفي القلب قسوةٌ ... وفي خصره جدبٌ وفي رِدفه خصبُ .
ومنه :