أرى حُلَلَ النباهةِ قد أضلَّتْ ... تُنازعُ فيَّ أطمارَ الخُمولِ .
فيا جَدِّي نهضتَ ويا زماني ... جنيتَ فكنتَ أحسنَ مستقبلِ .
ويا فخري وفخر الملك مُثْنٍ ... عليَّ لقد جريتُ بلا رسيلِ .
تفنَّنَ في العطاءِ الجزلِ حتَّى ... حباني فيه بالحمدِ الجزيلِ .
سقاني الرِّيَّ من بِشْرٍ وجودٍ ... كما رقص الحَبابُ على الشَّكولِ .
الألقاب .
ابن عَمَّار الموصلي : الحسن بن علي .
ابن عَمَّار الأندلسي : أبو بكر محمد بن عَمَّار .
وابن عَمَّار الكاتب : اسمه أحمد بن إسماعيل .
عمارة .
نجم الدين اليمني .
عُمارة بن علي بن زيدان الفقيه أبو محمد الحَكَمي المذحِجي اليمني نجم الدين الشافعي الفرضي الشاعر المشهور . تفقَّه بزَبيد مدة أربع سنين في المدرسة وحجَّ سنة تسع وأربعين وخمس مائة . ومولده سنة خمس عشرة وخمس مائة وصُلب سنة تسع وستين وخمس مائة . وسيَّره صاحب مكَّة قاسم بن هاشم بن فُلَيْتة رسولاً إلى الفائز خليفة مصر فامتدحه بقصيدته الميميَّة فوصله ثمَّ ردَّه إلى مكة وعاد إلى زَبيد . ثمَّ حجَّ فأعاده صاحب مكَّة في الرُّسلية فاستوطن مصر . وكان شافعيًّا شديد التعصُّب للسُنَّة أديباً ماهراً . ولم يزل ماشيَ الحال في دولة المصريِّين إلى أن ملك صلاح الدين فمدحه كثيراً ومدح الفاضل كثيراً . ثمَّ إنَّه شرع في أُمور وأخذ في اتفاق مع رؤساء البلد في التعصُّب للعُبَيْدِيِّين وإعادة أمرهم فنُقل أمرهم وكانوا ثمانيةً من الأعيان فأمر صلاح الدين بشنقهم في شهر رمضان . ونُسب إليه بيتٌ أظنُّه من وضع أعاديه عليه فإنِّي أحاشيه من قول مثل هذا - والله أعلم - وهو : .
وكان مبدأ هذا الدِّين من رجلٍ ... سعى فأصبح يُدعى سيِّدَ الأُممِ .
فأفتى الفقهاء بقتله .
ويقال إنَّ السلطان صلاح الدين لمَّا استشار الفاضلَ في أمر عُمارة قال : نسجنه فقال : يُرجى خلاصه فقال : نضربه عقوبةً فقال : الكلبُ يُضربُ فيسكت ثمَّ ينبح فقال : نشنقه فقال : الملوك إِذا أرادوا شيئاً فعلوه ؛ ونهض قائماً فعلم السلطان أن هذا هو الرأي .
وقيل : أُحضر عُمارة فأخذ الفاضل في تلطيف أمره مع السلطان بينه وبينه فقال عُمارة : بالله يا مولانا لا تسمع منه ما يقوله فيَّ . فقال السلطان : نعم والله أعلمُ بأمر الفاضل وأمر عُمارة - C تعالى - ثمَّ إنه رسم فيه ما رسم فقال عُمارة للموكَّلين به : بالله مُرُّوا بي على باب القاضي الفاضل لعلَّه يرقُّ لي ؛ فمرُّوا به وكان الفاضل جالساً على باب داره فلمَّا رآه مقبلاً دخل وأغلق الباب فقال عُمارة : .
عبدُ الرحيم قد احتجب ... إنَّ الخلاصَ مِنَ العجبْ .
ويقال إنَّه مرَّ قبلَ كائنته بيومين أو ثلاثة فرأى بين القصرين مصلوباً فقال : .
ومدَّ على صليبِ الصلبِ منه ... يميناً لا تطول إلى شمالِ .
ونكَّسَ رأسَه لعتابِ قلبٍ ... دعاه إلى الغِوايةِ والضَّلالِ .
وقال بعضهم : عبرتُ بين القصرين وأنا عائدٌ من دار السلطان صلاح الدين عشيَّةَ النهار الذي شُنق فيه عُمارة اليمني فشاهدته هناك مشنوقاً فذكرت أبياتاً له عملها في الصالح وهي : .
إِذا قَدَرْتَ على العلياء بالغَلَبِ ... فلا تُعرِّجْ على سعيٍ ولا طلبِ .
ولا ترِقَّنَّ لي إن كُربةً عرضتْ ... فإنَّ قلبيَ مخلوقٌ من الكُرَبِ .
واستخبِرِ الهولَ كم آنستُ وحشتَهُ ... وكم وهبتُ له روحي ولم أَهَبِ .
ومن شعره القصيدة التي مدح بها الفائز بنصر الله خليفة مصر وهي : .
الحمدُ للعيسِ بعدَ العزمِ والهممِ ... حمداً يقومُ بما أولتْ من النَّعَمِ .
لا أجحد الحقَّ عندي للركاب يدٌ ... تمنَّتِ اللجمُ فيها رُتبةَ الخُطُمِ .
قرَّبْنَ بُعد مزارِ العينِ من نظري ... حتَّى رأيتُ إمامَ العصرِ في أَمَمِ .
ورُحنَ من كعبة البطحاء والحرمِ ... وفداً إلى كعبة المعروف والكرمِ .
فهل درى البيتُ أنِّي بعد فُرقته ... ما سرتُ من حرمٍ إلاَّ إلى حَرَمِ