طُرُق الجودِ غيرُ ما نحن فيه ... قد سمعنا الدعوى فأين البيانُ ؟ .
أصبح الجودُ قصةً عند قومٍ ... مستحيلٌ في حقِّها الإمكانُ .
وعَدِمْنا نشراً يدلُّ عليه ... إنما النارُ حيثُ نمَّ الدخانُ .
كذَّبوني بواحدٍ يهب الأل ... ف وأنَّى من السَّماع العِيانُ ؟ .
ومنه : .
إِذا كان عمري رأس مالي فما الذي ... دعاني إلى تبذيره في التعلُّلِ ؟ .
وهل لي وقد شارفت ستين حِجَّةً ... سوى شرفٍ آتيه أو تُربِ جَنْدَلِ ؟ .
ولا خيرَ في وِردِ الزُّلالِ على الظما ... إِذا لم يكن نهرُ المجرَّةِ جَدْولي .
ومنه : .
مصاحبتي إيّاكما يا ابن لاجئٍ ... مصاحبةُ الخُصْيَيْنِ للأير فاعْلما .
هما يحملان الأيرَ حتَّى إِذا بدت ... له فرصةٌ خلاّهما وتقدَّما .
وأما قصيدته اللاميَّة التي رثى بها أهل القصر فإنَّها تقدَّمت كاملةً في ترجمة العاضد .
وكان عمارة يَغُضُّ من المهذَّب والرشيد ولدي الزُّبير وقيل إنه كان ممن سعى في قتلهما وبالغ فيما أدى إلى إتلافهما . وتعرّض عمارة للمهذَّب أيّام رُزِّيك وعاب شعره فبلغ المهذب ذلك فقال : .
قولا لذا الشاعر الفقيه ألن ... تبدي مقالَ النصيح إن سمعا ؟ .
ويحك لا تُكْثِرَنَّ من قولك ال ... شعرَ وتطويله فما نفعا .
أنا بشعري على ركاكته ... في كلِّ يومين ألبس الخِلَعا .
مُذْهبَةً تُذهبُ الهموم عن ال ... قلب إِذا برقُ طرِزها لمعا .
هذا وغيري على تداقُنِهِ ... لو رام في النوم خرقةً صُفِعا .
وبلغ المهذب أيضاً أنَّ عمارة عاب دقَّةَ جسمه ونحافته فقال : .
وذي حُمُق عاب مني نُحو ... لَ جسمي ولم يَغدُ لي مُنصفا .
وما علم النَّذْلُ أنَّ الجفا ... ءَ ما زالَ قطُّ حليفَ الجفا .
وما يعدمُ المُخْطَفُ الجسمِ أن ... يرقَّ طباعاً وأن يظرفا .
ولو أنَّني مثله للصفاع ... خُلقتُ لكنتُ غليظَ القفا .
وما زال مُذ قطُّ فضلُ البزا ... ةِ في أن تخفَّ وأن تلطفا .
ونظم الشيخُ تاجُ الدين اليمني في عمارة اليمني : .
عُمارةُ في الإسلامِ أبدى جنايةً ... وبايعَ فيها بيعةً وصليبا .
وكان خبيث الملتقى إن عجمته ... تجد منه عوداً في النفاقِ صليبا .
وأمسى شريكَ الشرك في بُغْض أحمدٍ ... فأصبح في حبّ الصليب صليبا .
سيلقى غداً ما كان يسعى لأجله ... ويُسقى صديداً في لظى وصليبا .
الصليب : وَدَك العظام وقيل هو الصديد .
ذو كُبار .
عُمارة بن عبد الأكبر ويلقَّب ذا كُبار همداني كوفي . قال أبو الفرج الأصبهاني : كان ليِّن الشعر ماجناً خِمِّيراً معاقراً للشراب قد حُدَّ فيه مرات وكان يقول شعراً ظريفاً يُضحك من أكثره وله أشياء صالحة . وكان هو وحمّاد الراوية ومُطيع بن إياسٍ يجتمعون على شأنهم لا يفترقون وكلُّهم كان يُتَّهم بالزندقة . وعمارة ممن نشأ في دولة بني أمية ولم أسمع له بخبر في الدولة العباسية . وكان لا ينتجع كلَّ أحدٍ ولا يبرح من الكوفة لعشاء بصره وضعف نظره . ومن شعره : .
حبَّذا أنتِ يا سلا ... مةُ ألفين حبَّذا .
أشتهي منكِ منكِ من ... كِ مكاناً مُجَنْبَذا .
مفعماً في قُبالةٍ ... بينَ رُكنين ربَّذا .
فَدْغَماً ذا مناكبٍ ... حَسَنَ القَدِّ مُحْتَذى .
رابياً ذا مَجَسَّةٍ ... أخنساً قد تقنفذا .
لم ترَ العينُ مثلَه ... في منام ولا كذا .
تامكاً كالسنام إذْ ... بُذَّ عنه مُقَذَّذا .
مِلءَ كفَّيْ ضجيعِها ... نال منها تفخُّذا .
لو تأمَّلتَه دهش ... تَ وعاينت جِهْبِذا .
طيّبُ العَرفِ والمجسَّ ... ةِ واللمسِ هِرْبِذا .
فأجا فيه فيه في ... ه بأيرٍ كمثلِ ذا .
ليت أيري وليت حِرْ ... ك جميعاً تآخَذا