ثم قال للذي اشترى له الحمار : إني لا أطيق علفه فإما أن تبعث لي بقوته وإلا رددته وكان يبعث بعلفه كل ليلة من التبن والشعير ولا يدع هو أن يطلب من كل من يأنس به علفاً لحماره فيبعث إليه . وكان يعلفه التبن ويبيع الشعير فهزل الحمار وكاد يعطب فرفع الحزين إلى ابن حزم قصة وكتب في رأسها : قصة حمار اللهبي . وشكا فيها أنه يركبه ويأخذ علفه وقضيمه من الناس ويبيع الشعير ويعلفه التبن ويسأل أن ينصف منه فضحك منه وأمر بتحويل حمار اللهبي إلى إصطبله ليعلفه وإذا أراد ركوبه دفع إليه .
العدوي الاستراباذي .
الفضل بن العباس بن موسى أبو نعيم العدوي الاستراباذي : كان فاضلاً مقبول القول عند العام والخاص . عبر أحمد بن عبد الله الطاغي على أسترباذ فعزم على نهبها فاشتراها منه بستمائة ألف درهم ووزعها على الناس .
ويقال إن محمد بن زيد العلوي قتله سراً . وروى عن الفضل بن دكين وكان ثقة توفي سنة سبعين ومائتين .
أبو أحمد كاتب المستكفي .
الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازي أبو أحمد الكاتب : قدم بغداد وكان يكتب بين يدي الوزير أبي علي ابن مقلة وله به اختصاص .
وتنقلت به الأحوال واستكتبه المستكفي بالله مدة قبل خلافته وبعدها ثم كتب للمطيع مدة وعزله فلحق بعضد الدولة بشيراز فأقام عنده إلى أن توفي سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة .
وكان يكتب خطاً مليحاً شبيهاً طريق ابن مقلة .
ومن شعره : .
أروع حين يأتيني رسول ... وأكمد حين لا يأتي الرسول .
أؤملكم وقد أيقنت أني ... إلى تكذيب آمالي أؤول .
ومنه : .
أهلاً وسهلاً بالحبيب الذي ... يصفيني الود وأصفيه .
محاسن الناس التي فرقت ... فيهم غدت مجموعةً فيه .
قد فضح البدر بإشراقه ... والغصن غضاً من تثنيه .
وجلّ في سائر أوصافه ... عن كل تمثيل وتشبيه .
أفديه أحميه وقلت له ... من عبده أفديه أحميه .
الرقاشي الشاعر .
الفضل بن عبد الصمد الرقاشي البصري : من فحول الشعراء مدح الخلفاء والكبار وبينه وبين أبي نواس مهاجاة ومباسطة .
توفي في حدود المائتين . وكان مولى رقاش وهو من ربيعة وكان مطبوعاً قال ابو الفرج صاحب الأغاني : قبل إنه كان من العجم من أهل الري ومدح الرشيد وأجازه إلا أن انقطاعه كان إلى بني برمك فأغنوه عن سواهم وكان كثير التعصب لهم ولما صلب جعفر اجتاز به الرقاشي وهو على الجذع فبكى أحر بكاء وقال الأبيات الميمية التي منها : .
على اللذات والدنيا جميعاً ... ودولة آل برمكٍ السلام .
وهي مذكورة في ترجمة جعفر البرمكي . فكبت أصحاب الأخبار إلى الرشيد فأحضره وقال : ما حملكم على ما قلت ؟ فقال : يا أمير المؤمنين كان إلي محسناً فلما رأيته على تلك الحال حركني إحسانه فما ملكت نفسي حتى قلت الذي قلت . قال : فكم كان يجري عليك ؟ قال : ألف دينار في كل سنة قال : فأنا قد أضعفتها لك .
قال ابن المعتز : حدثني أبو مالك قال : قال الفضل بن الربيع للفضل بن عبد الصمد الرقاشي : ويلك يا رقاشي ما أردت بوصيتك إلا الخلاف على الصالحين فقال له : جعلت فداك لو علمت أني أعافى من علتي ما أوصيت بها فإنها من الذخائر النفيسة التي تدخر للممات .
ووصيته هذه أرجوزة مزدوجة يأمر فيها باللواط وشرب الخمر والقمار والهراش بين الديكة والكلاب وزهو يزعم لتهتكه وخلاعته أنها من الفوائد التي تدخر للوصية عند الموت وأولها : .
أوصى الرقاشي إلى إخوانه ... وصية المحمود في أخدانه .
وهي مشهورة موجودة .
ولما قال ابو دلف قصيدته التي يقول فيها : .
ناوليني الدرع قد طا ... ل عن الحرب فطامي .
أجابه الرقاشي فقال : .
جنبني الدرع قد طا ... ل عن القصف جمامي .
واكسري البيضة والمط ... رد وآبدي بالحسام .
واقذفي في لجة البح ... ر بقوسي وسهامي .
وبترسي وبرمحي ... وبسرجي ولجامي .
واعقري مهري أصاب الل ... ه مهري بالصدام .
أنا لا أطلب أن يع ... رف في الحرب مقامي .
وبحسبي أن تراني ... بين فتيانٍ كرام