الفضل بن نبا بن أبي المجد الفضل بن الحسين بن إبراهيم أبو المجد ابن البانياسي الحميري الدمشقي : ولد بحلب وسمع جده لأمه الحافظ بهاء الدين ابن عساكر وأبا طاهر الخشوعي وكان أديباً فصيحاً شاعراً لكنه تكلم في ديته وتوفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة .
البرمكي وزير الرشيد .
الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك أبو العباس البرمكي أخو جعفر البرمكي وقد تقدم ذكره : كان الفضل كمن أكثرهم كرماً أكرم من أخيه جعفر ولكن جعفر أبلغ في الرسائل والكتابة منه .
ولاه الرشيد الوزارة قبل أخيه جعفر فقال يوماً لأبيه يحيى : يا أبت إني أريد الخاتم الذي لأخي الفضل لأخي جعفر وكانت أم الفضل قد أرضعت الرشيد واسمها زبيدة من مولدات المدينة والخيزران أم الرشيد قد أرضعت الفضل فكانا أخوين من الرضاعة وفي ذلك قال مروان بن أبي حفصة يمدح الفضل : .
كفى لك فضلاً أن أفضل حرةٍ ... غذتك بثديٍ والخليفة واحد .
لقد زنت يحيى في المشاهد كلها ... كما زان يحيى خالداً في المشاهد .
وقال الرشيد ليحيى : وقد احتشمت من الكتابة إلى الفضل 6في ذلك فاكفينه .
فكتب والده إليه : قد أمر أمير المؤمنين بتحويل الخاتم من يمنك إلى شمالك فكتب الفضل : قد سمعت مقالة المؤمنين في أخي وأبلغت وما انتقلت عني نعمةً صارت إليه ولا غربت عني نعمة طلعت عليه . فال جعفر : لله أخي فما أنفس نفسه وأقوى منة العقل فيه وأوسع في البلاغة ذرعه .
وكان الرشيد قد جعل ولده محمداً في حجر الفضل والمأمون في حجر جعفر .
ثم إن الرشيد قلد الفضل عمل خراسان فتوجه إليها وأقام بها مدة فوصل كتاب صاحب البريد بخراسان إلى الرشيد ويحيى جالس بين يديه ومضمونه أن الفضل بن يحيى متشاغل بالصيد وإدمان اللذات عن النظر في أمور الرعية عن هذا . فكتب إليه يحيى على ظهر كتاب صاحب البريد : حفظك الله يا بني وأمتع بك قد انتهى إلى أمير المؤمنين ما أنت عليه من التشاغل بالصيد والمداومة اللذات عن النظر في أمور الرعية ما أنكره فعاود ما هو أزين بك فإنه من عاد إلى ما يزينه أو يشينه لم يعرفه أهل دهره إلا به .
وكتب في أسفله : .
انصب نهاراً في طلاب العلى ... واصبر على فقد لقاء الحبيب .
حتى إذا الليل أتى مقبلاً ... واستترت فيه وجوه العيوب .
فكابد الليل بما تشتهي ... فإنما الليل نهار الأريب .
كم من فتىً تحسبه ناسكاً ... يستقبل الليل بأمرٍٍ عجيب .
غطى عليه الليل أستاره ... فبات في لهوٍ وعيشٍ خصيب .
ولذة الأحمق مكشوفةٌ ... يسعى بها كل عدو رقيب .
والرشيد ينظر إلى ما يكتب . فلما فرغ قال : أبلغت يا أبت . فلمال ورد الكتاب على الفضل لم يفارق السجد نهاراً إلى أن انصرف من عمله .
وكان الفضل لما ورد إلى خراسان دخل إلى بلخ وهي وطنهم وبها النوبهار وهو بيت النار التي كانت المجوس تعبدها وكان جدهم خالد خادم ذلك البيت فأراد الفضل هدم ذلك البيت فلم يقدر عليه لإحكام بنائه فهدم منه ناحية وبنى فيها مسجداً .
ولما وصل إلى خراسان أزال سيرة الجور وبنى المساجد والحياض والربط وأحرق مراكز البغايا وزاد الجند ووصل الزوار والقواد والكتاب في سنة سبع بعشرة آلاف ألف درهم واستخلف على عمله وشخص آخر السنة إلى العراق فتلقاه الرشيد وجمع لها الناس وأكرمه غاية الإكرام وأمر الرشيد الشعراء بمدحه والخطباء بذكر فضله فكثر المادحون له فقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي : .
لو كان بيني وبين الفضل معفرةٌ ... فضل بن يحيى لأعداني على الزمن .
هو الفتى الماجد الميمون طائره ... والمشتري الحمد بالغالي من الثمن .
وكان أبو الهول الحميري قد هجا الفضل فرآه راغباً إليه فقال له : ويلك ؛ بأي وجهٍ تلقاني ؟ فقال : بالوجه الذي ألقى به ربي D وذنوبي إليه أكثر من ذنوبي إليك فضحك ووصله .
ومن كلام الفضل : ما سرور الموعود بالفائدة كسروري بالإنجاز