قال كمال الدين أيضاً : ووقفت له على مسائل جمعها بخطه منها : أيجوز بيع الجياد من الخيل الأعوجية بلحوم الإبل المهرية ؟ قال : والجواب : لا حرج على من يقوله أحله الله ورسوله . قال : الجياد جمع جيد وهو العنق والخيل الأعوجية منسوبة إلى أعوج فحل كريم كان لبني هلال بن عامر . والمخرية من نتج إبل مهرة قبيلة من قضاعة .
ومنها : أيجب في العلس زكاة إذا بلغت خمسة أوسق أو أكثر منها ؟ قال : إذا أشرف على ذلك الجباة فرت وأعرضت عنها وفسره وقال : العلس القراد وأول ما يكون قمقامة ثم يصير حمنانة ثم قرادة ثم حلمة ونظم ذلك : .
يعمى على المرء حتى لا يرى علساً ... في سمهجٍ يرتشفه يورث السقما .
فما له غير نحض الكلب إن تلفت ... نفسٌ بحق فهذا مذهب الحكما .
قال : والسمج ماء اللبن الحلو الدسم والارتشاف : أن يشرب الجميع والنحض : اللحم .
ومن شعره : .
قد فاتني الوصل من حبيب ... واستبدل القرب بالبعاد .
فلا لبشرٍ ولا لهندٍ ... ولا للبنى ولا سعاد .
ولا لحب ولا لصحب ... ولا لقربٍ إلى التنادي .
نرجو رضا من نحب عفواً ... ويلطف الله بالعباد .
الشاعر الكاتب ابن سيار .
القاسم بن سيار البغدادي الكاتب الشاعر ؛ خرج إلى خراسان واتصل بذي الرياستين الفضل بن سهل وقيل : كانت الحال بينهما مؤكدة فلما خرج الفضل إلى خراسان سأله أن يتوجه معه ليأنس به فامتنع فلما اتسعت الدنيا على الفضل وصار وزيراً أميراً وأغنى كل من خرج إليه ومن خرج مع وساءت حال القاسم بن سيار كتب إلى الفضل : .
يا أبا العباس إني ناصحٌ ... لك والنصح لذي الود يسير .
لا تعدني ليومٍ صالحٍ ... إن أعوانك في الخير كثير .
وليوم الشر ما أعددتني ... إن يوم الشر يوم قمطرير .
هذه السوق التي أملتها ... يا أبا العباس والعمر قصير .
فلما قرأ الفضل البيات بكى وأمر له بخمسين ألف درهم وعشرين تختاً .
الهذلي قاضي الكوفة .
القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود أبو عبد الرحمن الهذلي الفقيه قاضي الكوفة .
كان : لم يأخذ على القضاء رزقاً وهو أخو معن . روى عن أبيه وابن عمر وجابر بن سمرة ومسروق وغيرهم .
وثقه ابن معين وغيره . وقال خليفة : عزله ابن هبيرة عن القضاء سنة ثلاث ومائة بالحسين بن الحسن الكندي وتوفي سنة عشرة ومائة وروى له البخاري والأربعة .
الوزير الحارثي .
القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب بن سعيد الحارثي أبو الحسين الوزير ابن الوزير ابن الوزير : قلده المعتضد الوزارة بعد أبيه فبقي على وزارته إلى أن توفي المعتضد وابنه المكتفي بالرقة فدبر الأمر أحسن تدبير وأخذ له البيعة على من ببغداد وحفظ أمواله وخزائنه وكتب إليه بالمبادرة فأحمد فعله وكناه ورفع منزلته وخلع عليه خلعاً شريفة للوزارة ولقبه بولي الدولة وسأل المكتفي أن يشرفه بتزويج ابنه الأمير أبي أحمد بابنته فأجابه إلى ذلك ومهرها مائة ألف دينار .
ولم يزل على وزارته إلى أن أدركه أجله شاباً سنة إحدى وتسعين ومائتين ومولده سنة تسع وخمسين ومائتين .
وكان جواداً مدحاً إلا أنه كان زنديقاً فاسد الاعتقاد .
قال علي بن العباس النوبختي : انصرف ابن الرومي الشاعر من عند القاسم بن عبيد الله الوزير فقال لي : ما رأيت مثل حجة أوردها اليوم الوزير في قدم العالم : قلت : وما هي ؟ قال : أنشدنا قول زهير : .
ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى ... من الأمر أو يبدو لهم ما دبا ليا .
بدا لي أن الناس تفنى نفوسهم ... وأموالهم ولا أرى الدهر فانيا .
وأني متى أهبط من الأرض تلعةً ... أجد أثراً قبلي حديثاً وعافيا .
قلت : العجب من ابن الرومي كونه ادعى أن هذا حجة على قدم العالم وليس في هذه الأبيات دليل يتمسك به لا قطعي ولا إقناعي وإنما الأبيات دعوى مجردة