وفي العِيس التي بَكَرَتْ بُدورٌ ... تُرنِّحها على كُثُبٍ غصون .
وأنت تسومني صبراً جميلاً ... وهل صبرٌ وقد رحل القَطين .
وتأمر أن أصونَ دموعَ عيني ... أفي يوم النَّوىدمعٌ مَصون .
عجبتُ لمن يقيم بدار سوءٍ ... يَذِلُّ على الخطوب ويستكين .
نُسام الخَسف بين ظُهور قوم ... تَساوى الغثُّ فيهم والسَّمين .
وما أَهلُ العُلى إلا سيوفٌ ... ونحن لها الصَّيَاقِلُ والقُيون .
منها .
وفي جدوَى الوجيه رجاءُ صِدقٍ ... إِذا كَذَبت على الناس الظُنونُ .
فمن يُنضي المَطِيَّ إلى سِواهُ ... فما حركاته إلاَّ سُكون .
فقُل لذوي النِّفاق بحيث كانوا ... أباد حِماكمُ الأسَدُ الحَرون .
ملكناكم فصُنا مَن وَراكم ... ولو مُلكتمونا لم تصونوا .
أسَلنا من دمائكم بُحوراً ... جُسومكمُ لجائشها سَفين .
الخُبزَارُزِّي .
نصر بن أحمد بن نصر بن مأمون أبو القاسم البصري الشاعر المعروف بالخُبزَارُزِّي كان أمّياً لا يتهجَّى ولا يكتب وكان يخبز خُبزَ الأرُز بمِربَد البصرة في دكان وكان ينشد أشعار الغَزَل والناس يزدحمون عليه ويعجبون منه وكان أبو الحسين محمد بن لنكَك الشاعر مع علوّ قدره ينتابه ليسمع شعره واعتنى به وجمع له ديواناً وقرأ الخطيب عليه ديوانه وحضر إليه يوم عيدٍ ابن لَنكك الشاعر وغيره فقعدوا عنده وهو يخبِز على طابقه فزاد في الوقود ودخن عليهم فنهض الجماعة فقال الخبزأرزي لابن لنكك : متى أراك يا ابن الحسن ؟ فقال : إذا اتشخت ثيابي لأنه سوّدها بالدخان وكانت جُدداً في يوم عيدٍ ثم إن ابن لنكك كتب إليه : .
لنصرٍ في فؤادي فَرطُ حُبٍ ... أنِيف به على كل الصِّحابِ .
أتيناه فبخَّرنا بخوراً ... من السَعَف المدخّن للثياب .
فقمتُ مبادراً وظننتُ أني ... أرادَ بذاك طردي أو ذهابي .
فقال متى أراك أبا حسينٍ ... فقلتُ له إذا اتسخت ثيابي .
فكتب إليه الجواب إملاءً : .
منحتُ أبا الحسينِ صميمَ ودي ... فداعبني بألفاظٍ عِذابِ .
أتى وثيابُهُ كقتيرِ شَيبٍ ... فعُدنَ له كَرَيعانِ الشباب .
وبُغضي للمشيبِ أعَدَّ عندي ... سواداً لونه لون الخِضاب .
ظننتُ جُلوسَه عندي لِعُرسٍ ... فجدت له بتمسيك الثياب .
فقلتُ : متى أراك أبا حسين ... فجاوبَني إذا اتسخت ثيابي .
فإذا كان التقزّزُ فيه خيرٌ ... فلِم يُكنى الوَصِيُّ أبا تراب .
قلت الجوابُ أشعر من الابتداء وقال الخبز أرزي : .
خليليَّ هل أبصرتما أو سمعتما ... بأكرمَ من مَولىً تمشّى إلى عبدِ .
أتى زائري من غير وعدٍ وقال لي ... أُعيذك من تعليق قلبك بالوعد .
فما زال نجمُ الوصل بيني وبينه ... يدور بأفلاك المسرة والسعد .
فطوراً على تقبيل نرجس ناظرٍ ... وطوراً على تعضيض تُفاحةِ الخدّ .
وقال : .
ألم يكفني ما نالني من هواكمُ ... إلى أن طَفِقتم بين ولاهٍ وضاحكِ .
شَماتَتُكُم بي فوق ما قد أصابني ... وما بي دخولُ النار بي طَنرُ مالك .
وقال : .
كم أُناسٍ وَفَوا لنا حين غابوا ... وأُناسٍ جَفَوا وهُم حُضَّارُ .
عرّضوا ثمّ أعرضوا واستمالوا ... ثم مالوا وجاوروا ثو جاروا .
لا تَلُمهم على التجنِّي فلو لم ... يتجنَّوا لم يَحسُنِ الاعتذارُ .
وقال : .
وكان الصديقُ يزور الصديقَ ... لشرب المُدام وعَزف القيانِ .
فصار الصديقَ يزور الصديق ... لبثِّ الهموم وشَكوَى الزمان .
وقال : .
أستودِعُ اللهَ أحباباً حُسِدتُ بهم ... غابوا وما زودوني غير تثريبِ .
بانوا ولم يقضِ زيدٌ وَطَراً ... ولا انقضَت حاجةٌ في نفس يعقوب .
وقال : .
شكَوتُ إلى إلفي سُهادي وعَبرتي ... وقلت : احمرارُ العَين يُخبر عن وَجدي