ومذ أفلح الجُهّالُ أيقَنتُ أنني ... أنا المِيمُ والأيام أفلحُ أعلمُ .
وأخرني دَهري وقدّم معشراً ... بأنّهم لا يعلمون وأعلم .
وعَزمِيَ أن أنسى علومِي كلَّها ... لعلّ زماني عند ذلك يرحَم .
هبة الله بن علي ابن الوقف المقرىء .
هبة الله بن علي بن بركة أبو القاسم الخباز المقرىء البغدادي المعروف بابن الوَقف قرأ على أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي وعلى أبي الخطاب علي بن عبد الرحمن بن الجراح وأبي طاهر أحمد بن علي بن سوار وسمع من أبي الخطاب نصر بن البطر وجعفر بن أحمد السرّاج وروى عنه أبو سعد بن السمعاني وتوفي سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة .
الوزير ابن ماكولا .
هبة الله بن علي بن جعفر بن عَلّكان بن محمد بن دُلَف بن أبي دلف العجلي أبو القاسم المعروف بابن ماكولا تقلد الوِزارة لجلال الدولة أبي طاهر بن أبي نصر بن عضد الدولة مراتٍ وكان حافظاً للقرآن راوياً للأخبار والأشعار متوحداً في علم النجوم والهيئة اعتقله أبو المُجلَّى مبارك بن المقلد بن المسيَّب صاحب هِيت في دار وخُنق في محبسه بعد بعد تسعة وعشرين شهراً سنة ثلاثين وأربعمائة ورُئِيَ في المنام وهو يقول : إن الله تعالى لا يغفل عن ظُلمي ولا يُمهِل ظالمي فأصبح الأمير وقد لسعته عقربٌ فمات بعد يومين ومات ابن شهرام الذي خنقه مخنوقاً أيضاً .
ابن الشجري .
هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة الشريف أبو السعادات العلوي الحسني ضياء الدين المعروف بابن الشجري كان إماماً في النحو واللغة وأشعار العرب وأيّامها وأحوالها كامل الفضائل متضلعاً من الأدب صنف فيه عدة تصانيف ولد سنة خمس وأربعمائة له " كتاب الأمالي " وهو أكبر تآليفه وأكثرُها فائدةً أملاه في أربعة وثمانين مجلساً وهو يشتمل على فوائد جمة من فنون الأدب وختَمه بمجلسٍ قَصَرَه على شعر أبي الطيّب تكلم عليه وذكر ما قاله الشُرّاج وزاد مِن عندِه ما سَنَحَ له وهو من الكتب المُتممِة ولما فرغ منه حضر إليه أبو محمد عبد الله بن الخشاب وأراد سماعَه فما أجابه فعاداه ورد عليه في مواضع من الكتاب ونسبه فيها إلى الخطأ فوقف عليه الشريف أبو السعادات ورد عليه في ردة وبيّن وجوه غلطِهِ وجمعَه كتاباً سماه " الانتصار " وهو على صِغَر حجمه مفيدٌ جداً وسمِعه عليه الناس وجمع كتاباً سماه " الحماسة " وله في النحو عدة تصانيف وكان حَسَن الكلام حُلوَ الألفاظ جيد البيان والتفهم وقرأ الحديث بنفسه على جماعةٍ مثل أبي الحسن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الصَيرفي وأبي علي محمد بن سعيد بن سهلٍ الكاتب وغيرهما وقال ابن الأنباري في مناقب الأدباء : إنّ العلامة أبا القاسم محمود الزمخشري لما قدِم بغداد قاصدِ الحجّ في بعض أسفاره مضى إلى زيارة شيخنا أبي السعادات بن الشجيري ومضينا إليه معه فلمّا اجتمع به أنشده قول المتنبّي : .
وأستكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صَغّرَ الخبرَ الخُبرُ .
ثم أنشده بعد ذلك : .
كانت مُساءَلة الرّكبان تُخبِرني ... عن جعفر بن فلاح أحسن الخبرِ .
ثم التقينا فلا والله ما سمعَت ... أُذني بأحسنَ ممّا قد رأى بَصَري .
فقال العلامة الزمخشري : رُوي عن النبي A أنه قال لمّا قدِم عليه زيد الخيل : يا زيد ما وُصِف لي أحدٌ في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون ما وُصف لي غيرك قال : فخرجنا من عنده ونحن نعجب كيف يستشهد الشريف بالشعر والزمخشري بالحديث وهو رجل أعجمي وكان أبو السعادات نقيب الطالبيّين بالكرخ نيابة عن أبيه الطاهر .
ومن شعره : .
هل الوجد خافٍ والدموع شهودُ ... وهل مُكذبٌ قول الوشاة جحودُ .
وحنى متى تفني شؤونك بالبُكا ... وقد خَدّاً للبُكاء لَبِيد .
وغني وإن أحنَت قناتيَ كَبرَةٌ ... لَذوِ مِرّةٍ في النائبات جليد .
ومن شعره يمدَح الوزير نظام الدين المظفر بن علي بن محمد بن جَهيرٍ : .
هذي السُّدَيرَة والغديرُ الطافحُ ... فاحفَظ فؤادكَ إننّي لك ناصحُ .
يا سِدرَةَ الوادي الذي إن ضلّه ال ... ساري هادهُ نشرُك المتفاوِج