وقد قدمت قبل ذلك مقمة فيها فصول فويادها مهمة وقواعدها يملك الفاضل بها من الاتقان أزمة تتنوع الإقادة فيها كما تنوع الأعراب في كم عمة وينال بها المتأدب ما ناله أبو مسلم من الحزم وعلو الهمة ويهيم بها فكره كما هام بمية ذو الرمة ويبدو له من محاسنها ما بدا من جمال ريا للصمة ثم إني أعقد لكل اسم بابا ينقسم إلى فصول بعدد حروف المعجم تتعلق الحروف في الفصول بأوايل أسماء الآباء لتنزل كل واحد في موضعه ويشرق كل نجم في هذا الأفق من مطلعه فلا يعدو أحدهم مكانه ولا يرفع هذا تمسك تنسك ولا يخفض ذاك جناية خيانة ولا يتأخر هذا لمهابط مهانة ولا يتقدم ذاك لمكارم مكانة وقد سميته الوافي بالوفيات ومن الله تعالى اطلب الإغاثة بالأعانة واستمد منه التوفيق لطريق الإنابة والأبانة واستعينه على زمان غلبت فيه الزمانة لا رب غيره ينول العبد مناه وأمانة ولا إليه إلا هو سبحانه هو حسبي ونعم الوكيل .
المقدمة .
وفيها فصول الأول كانت العرب تورخ في بني كنانة من موت كعب بن لؤي فلما كان عام الفيل أرخت منه وكانت المدة بينهما مئة وعشرين سنة . قال صاحب الأغاني أبو الفرج أنه لما مات الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أرخت قريش بوفاته مدة لأعظامها إياه حتى إذا كان عام الفيل جعلوه تاريخاً هكذا ذكره ابن داب . وأما الزبير بن بكار فذكر أنها كانت تؤرخ بوفاة هشام بن المغيرة تسع سنين الى ان كانت السنة التي بنوا فيها الكعبة فارخوا بها انتهى . وارخ بنة اسماعيل عليه السلام من نار ابراهيم علبه السلام إلى بنائه البيت الى تفّرق معد ومن تفرق معّد الى موت كعب بن لؤيّ ومن عادة الناس ان يؤرخوا بالواقع المشهور والأمر العظيم فأرخ بعض العرب بعام عادة الحتان لشهرته قال النابغة الجعدي .
فمن يك سائل أعني فإني ... من الفتيان أيان الحتان .
مضت مئة لعام ولدت فيه ... وعام بعد ذاك وحجتان .
وقد أبقت صروف الدهر متى ... كما أبقت من السيف اليماني .
وكانت العرب قديماً تورخ بالنجوم وهو أصل قولك نجمت على فلان كذا حتى يؤديه في نجوم . وقال بعضهم قالت اليهود إن الماضي من خلق آدم عليه السلام إلى تاريخ الاسكندر ثلثة آلاف سنة وأربعمائة سنة وثمانية وأربعون سنة . وقالت النصارى أنها خمسة آلاف سنة ومائة وثمانون سنة . وأما المدة المحررة من هبوط آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض لتاريخ الليلة المسفرة عن صباح يوم الجمعة الذي كان فيه الطوفان عند اليهود ألف سنة وستمائة وخمسون سنة وعند النصارى ألفا سنة ومائتان واثنان وأربعون سنة وعند السامرة ألف وثلثمائة سنة وسبع سنين . وقال آخر المدة التي بين خلق آدم ويوم الطوفان ألفا سنة ومائتان وعشرون سنة وثلاثة وعشرون يوماً . وأما تاريخ الاسكندر المذكور في القرآن العظيم وتاريخ بخت نصر فمعلومان وتاريخ الطوفان مجهول فأدرنا تصحيح ذلك وتحريره فصححناه بحركات الكواكب وأوساطها من وقت كون الطوفان الذي وضع فيه بطلميوس أوساط الكواكب في المجسطي فبمعاونة هذين الأصلين صححنا تاريخ الطوفان بحركات الكواكب كما تصحح حركات الكواكب بالتاريخ طرداً فعكسنا ذلك إلى خلف وجمعنا أزمنته وحررناه فوجدنا بني الطوفان وبخت نصر من السنين الشمسية على أبلغ ما يمكن من التحرير ألفي سنة وأربعمائة سنة وثلثي سنة وربع سنة ومنه إلى تاريخ السريان أربعمائة سنة وستة وثلاثون سنة وجمعنا ذلك فكان ما بين الطوفان وذي القرنين بعد جبر الكسور ألفين وتسع مائة واثنين وثلاثين سنة ثم زدنا على ذلك ما بيننا وبين ذي القرنين إلى عامنا هذا وهو سنة إحدى وسبعين وستمائة للهجرة فبلغ من آدم عليه السلام إلى الآن ستة آلاف سنة وسبعمائة وتسعا وسبعين سنة على أبلغ ما يمكن من التحرير . وقال وهب عاش آدم ألف سنة وفي التورية تسعمائة وثلاثين سنة وكان بين آدم وطوفان نوح ألفا سنة ومائتان وأربعون سنة وبين الطوفان وإبراهيم عليه السلام تسعمائة وسبعة وأربعون سنة وبين إبراهيم وموسى عليهما السلام سبعمائة سنة وبين موسى وداود عليهما السلام خمسمائة سنة وبين داود وعيسى عليهما السلام ألف سنة ومائة سنة وبين عيسى ومحمد نبينا صلوات الله وسلامه عليهما ستمائة وعشرون سنة والله أعلم بالصواب .
الفصل الأول