وقال : أخبرني أبو الزهر أن المستنصر كان في بعض متصيداته فكتب لأبي عبد الله ابن أبي الحسين يأمره بإحضار الأجناد لأخذ أرزاقهم : .
ليحضر كل ليث ذي منال ... زكا فرعاً لإسداء النوال .
غداً يوم الخميس فما شغلنا ... بأسد الوحش عن أسد الرجال .
انتهى ما قاله أثير الدين وكان والده يحيى قد صنع داراً عظيمة تحت الأرض وأودع فيها من أنواع الأموال والسلاح ما جعله عدة وذخيرة لسلطانه ولم يترك على وجه الأرض من له علم بهذا الموضع إلا صاحب وزارة الفضل وهو أبو عبد الله ابن الحسين بن سعيد فلما جرت الفتنة واستقرت قدم ابن يحيى في السلطنة وكان الوزير المذكور ممن سخط عليه وقبض على دياره وأمواله وصيره كالمحبوس كتب الوزير إليه رقعة وطلب الاجتماع به في مصلحة الدولة فأحضره وسأله فقال : إن المرحوم صنع تحت الأرض داراً أودعها نفائس أمواله وليس يعرفها غيري ووصاني أنه إذا انتقل إلى جوار ربه إذ توقع أن تقع فتنة بين أقاربه وقال : إذا انقضت سنة واستقر الأمر لأحد من ولدي أو من تتيقن أنه يصلح لأمر المسلمين فأطلعه على هذه الذخائر فربما فنيت الأموال بالفتنة فلا يجد القائم بالأمر ما يصلح به الدولة إذا تفرغ للتدبير والسياسة ففرح السلطان وبادر إلى تلك الدار فرأى ما ملأ عينه وسر قلبه وخرج الوزير والخيل تجنب أمامه وبدر الأموال بين يديه وأعاد الوزير إلى أحسن حالاته وقال السلطان : إن من أجب شكر الله علي أن أفتتح المال بأن أؤدي منه للرعية الذين نهبت دورهم واحترقت في الفتنة التي كانت بيني وبين أقاربي ما خسروه وأمر بالنداء فيهم وأحضرهم وكل من حلف على شيء قبضه وانصرف .
أبو عصيدة صاحب تونس .
محمد بن يحيى المنصور بالله أبو عصيدة ابن الواثق الهنتاتي تملك تونس بإشارة المرجاني في آخر سنة أربع وأربعين وكان ديناً صالحاً حميد السيرة منفقاً من جنده وكانوا نحواً من سبعة آلاف وكان مليح الشكل شريف النفس مهيباً سائساً توفي سنة تسع وسبع مائة ولم يعهد إلى أحد فقام بعده ابن عمه فقتل بعد أيام توثب عليه المتوكل خالد بن يحيى من بني عمه وتملك ثم خلع بعد يومين ومات أبو عصيدة شاباً لقب بذلك لأنه عمل في سماط له عصيدة عظيمة في وعاء سعته تفوق العبارة في وسطه بركة واسطة مملوءة من سمن ويليها خندق من عسل ثم خندق من دهن ثم خندق من دبس ثم خندق من زيت ثم خندق من رب سبعة خنادق والله أعلم .
ابن الصيرفي .
محمد بن يحيى بن أبي منصور ابن أبي الفتح محيي الدين أبو عبد الله المعروف بابن الصيرفي مولده سنة ست وعشرين وست مائة وتوفي سنة خمس وثمانين وست مائة بدمشق ودفن بمقابر باب الفراديس كان عنده فضيلة وحسن عشرة وعلى ذهنه حكايات وأشعار وقطعة صالحة من التواريخ سمع الكثير في صغره وكبره وتولى عدة جهات وكان له حرمة ومكانة وتوكل للأمير علم الدين سنجر أمير جاندار الملك الظاهر ولازم الأمير افتخار الدين وولده ناصر الدين .
القرطبي المالكي الأشعري .
محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد العلامة أبو عبد الله القرطبي المالكي الأشعري نزيل مالقة ولد بقرطبة سنة ست وعشرين وكان شيخ مالقة وعالمها ووزيرها محدثاً فقيهاً أشعرياً من محفوظاته المقامات كان آخر من حدث عن والده بالسماع وسمع من الدباج والشلوبين وابن الطيلسان وتوفي سنة تسع عشرة وسبع مائة .
ابن الغليظ .
محمد بن يحيى بن الغليظ هو ابن الأديب أبي زكرياء قال الشيخ أثير الدين : أديب هيجاء أنشدنا أبو الزهر قال : أنشدنا ابن الغليظ لنفسه : .
وليتم ابن أبي طاطو بلادكم ... وربما خفيت عنكم معائبه .
أليس من شؤمه إن حل في بلد ... دارت رحاه وما درت سحائبه .
الكرماني المعبر