وذكره أبو عمر بن الحذاء في كتاب رجاله الذين لقيهم فقال : قدم علينا طليطلة وسنه يومئذ نحو الخمسين وكانت له رواية واسعة ومعه كتب كثيرة من روايته بالعراق والشام والحجاز ومصر . وكانت عنده غرائب تجول بالأندلس نحو عامين ثم انصرف إلى القيروان فوجهه الصنهاجي صاحب القيروان رسولا إلى القسطنطينية ثم انصرف عنها .
وكان لي صديقا وتكررت كتبه إلي من القيروان ثم صرفه الصنهاجي إلى القسطنطينية فمات في طريقها إما واردا وإما صادرا C .
وذكره الحميدي فقال : كان فاضلا عاقلا . قرأت عليه كثيرا وكتبت عنه وأنشدني : .
إذا ما عدوك يوما سما ... إلى حالة لم تطق نقضها .
فقبل ولا تأنفن كفه ... إذا أنت لم تستطع عضها .
وقرأت بخط القاضي أبي على الصدفي شيخنا C وقد ذكر أبا عمرو السفاقسي حكى عنه أنه قال : بعث إلي شعراء القيروان حين مقامي بها وهم : ابن رشيق وابن شرف وابن حجاج وعبد الله العطار يسألوني أن أرسل إليهم شعري . فقلت للرسول : أنه في مسوداته . فقال كما هو . فأخذته وكتبت عليه ارتجالا ثم بعثت به : .
خطبت بناتي فأرسلتهن إليك ... عواطل من كل زينه .
لتعلم أني ممن يجود ... بمحض الوداد ويشنا ضنينه .
فقل كيف كان ثناء الجليس ... أضمخ بالمسك أم صب طينه .
فأجابوني عن بطء بهذه الأبيات : .
أتتنا بناتك يرفلن في ثياب ... من الوشي يفتن زينه .
فلما سفرن فضحن الشموس ... وسرب الظباء وأخجلن عينه .
فلما نطقن سحرن العقول ... وظل القرين ينادي قرينه .
أفي بابل نحن أم في العراق ... وفوق البسيطة أم في سفينة .
فدعني أرقب صحو الجميع ... لنسمع من كل مدح عيونه .
وقرأت على أبي محمد بن عتاب غير مرة قال : أخبرني أبو عمرو وكتبه لي بخطه قال أنشدني أبو نعيم الحافظ قال : أنشدني أبو محمد الجابري قال : أنشدني ابن المعتز لنفسه : .
ما عابني إلا الحسو ... د وتلك من خير المعائب .
والخير والحساد مق ... رونان إن ذهبوا فذاهب .
وإذا ملكت المجد لم ... تملك مذ مات الأقارب .
وإذا فقدت الحاسدي ... ن فقدت في الدنيا الأطايب .
وذكر جماعة من علماء طليطلة أنهم سمعوا أبا عمرو السفاقسي يقول : رأيت محمد ابن إسماعيل البخاري C في النوم بسفاقس فقلت له : لم لم تخرج في كتابك عن حماد بن سلمة . فقال : فجعل يبتسم إلي . فقلت له : من أجل حديث عكرمة فقال لي : وغيره .
قال أبو عمرو : وسمعت أبا نعيم الحافظ يقول : الإجازة على الإجازة قوية جائزة . وحدث عن أبي عمر علماء الأندلس قاطبة في كل بلد دخله من بلدانها . وهو أول من أدخل كتاب غريب الحديث للخطابي الأندلسي . وتوفي C بعد سنة أربعين وأربع مائة .
عثمان بن الحسن بن عثمان بن أحمد بن الخصيب البغدادي .
يكنى : أبا عمرو ذكره أبو محمد بن خزرج وقال : قدم علينا سنة سبع عشرة وأربع مائة بإشبيلية فقرأنا عليه وكان يروى عن أبي طاهر المقرئ البغدادي قرأ عليه بالقراءات السبع . وروى عنه جلة البغداديين وغيرهم . وكان مجودا للتلاوة محسنا عالما بمعاني القرآن وكان كبير السن جدا .
من اسمه علي .
علي بن معاوية بن مصلح .
من أهل مدينة ؛ . يكنى : أبا الحسن .
رحل إلى المشرق وسمع بمكة من الجمحي عمر بن أحمد المكي وأبي الحسن الخزاعي وأبي إسحاق بن محمد الديبلي وأبي بكر الآجري .
وسمع بالمدينة من قاضيها عبد الملك بن محمد المرواني . وسمع بمصر من الحسن بن رشيق والحسن بن الخضر وحمزة بن محمد وأبي محمد بن الورد وغيرهم . وسمع بالإسكندرية من أبي العباس بن سهل العطار وغيره . وسمع بقرطبة من خالد بن سعد وأبي بكر القرشي وأحمد بن مطرف وإسماعيل بن بدر وغيرهم . وسمع بطليطلة من ابن مدراج وغيره . وبمدينة الفرج من وهب بن مسرة ومحمد بن القاسم بن مسعدة . وكان شيخا فاضلا ثقة فيما رواه . سمع الناس منه كثيرا حدث عنه الصاحبان وتوفي في عقب رجب سنة سبع وتسعين وثلاث مائة ومولده سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة . ذكر مولده ابن عبد السلام الحافظ