قال لي أبو محمد الحفصوني : ثم خرج عطية من بغداد إلى مكة فأخبرني أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي قال : لقيت عطية الأندلسي ببغداد وصحبته وكان من الإيثار والسخاء والجود بما معه على أمر عظيم ؛ يقتصر من لباسه على فوطة ومرقعة ويوثر بما سوى ذلك . وكان قد جمع كتبا حملها على بخاتي كثيرة . قال عبد العزيز : فرافقته وخرجنا معا على الياسرية وليس معه إلا وطاؤه وركوته ومرقعته عليه . قال : فعجبت من حاله ولم أعارضه فبلغنا على المنزل الذي نزل فيه الناس وذهبنا نتخلل الرفاق ونمر على النازلين فإذا شيخ خراساني له أبهة وهو جالس في ظل له وحوله حشم كثير قال : فدعاه وكلمنا بالعجمية وقال لنا انزلوا . فنزلنا وجلسنا عنده فما أطلنا الجلوس حتى كلم بعض غلمانه فأتى بالسفرة فوضعها بين أيدينا وفتحها واقسم علينا فإذا فيها طعام كثير وحلاوة حسنة فأكلنا وقمنا . قال عبد العزيز : فلم يزل على هذه الحال يتفق لنا كل يوم من يدعونا ويطعمنا ويسقينا على أن وصلنا على مكة وما رأيته حمل من الزاد قليلا ولا كثيرا . قال : وقرئ عليه بمكة صحيح البخاري روايته عن إسماعيل بن محمد الحاجي عن الفربري عن البخاري . وكان أبو العباس أحمد بن الحسن الرازي هو الذي يقرؤه عليه .
قال أبو محمد : فقال لي أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجتاني الحافظ كان أبو العباس إذ قرأ ربما توقف في قراءته فكان عطية يبتدي فيقول : هذا فلان بن فلان ويذكر بلده وموصفه وما حضره من ذكره فكان من حوله يتعجبون من ذلك . قال : وتوفي : بمكة سنة ثمان أو تسع وأربع مائة . وكان له في تجويز السماع فكان كثير من المغاربة يتحامونه من أجل ذلك قال أبو محمد : وله تصانيف رأيت منها كتابا جمع فيه طرق حديث المغفر ومن رواه عن مالك بن أنس في أجزاء كثيرة إلا أنه عول في بعضها على لاحق بن الحسن . هذا آخر كلام أبي محمد .
قال الحميدي : وسمعت أبا غالب يقول : سمعت عطية بن سعيد يقول : سمعت القاسم بن علقمة الأبهري يقول : سمعت أحمد بن الحسن الرازي يقول : سمعت محمد ابن هارون يقول : سمعت أبا دجانة يقول : سمعت ذا النون المصري يقول : .
أقلل صبري فيك وهو كثير ... وأزجر دمعي عنك وهو غزير .
وعندي دموع لو بكيت ببعضها ... لفاضت بحور بعدهن بحور .
قبور الورى تحت التراب وللهوى ... رجال لهم تحت الثياب قبور .
سأبكي بأجفان عليك قريحة ... وأرنو بألحاظ إليك تشير .
وذكره أبو عمرو المقرئ في كتاب طبقات المقرئين له فقال : عطية بن سعيد بن عبد الله الصوفي القفصي سكن مصر يكنى : أبا محمد . أخذ القراءة عن جماعة من شيوخنا عرض بالأندلس على علي بن محمد بن بشر وبمصر على عبد الله بن الحسين وغزوان بن القاسم ومحمد بن صبغون وغيرهم . ودخل الشام والعراق وطاف الأمصار وكتب شيئا كثيرا من الحديث ولقي أعدادا من الشيوخ . وكان ثقة كثير الكتب صحيح السماع . كتب معنا بمكة عن أحمد إبراهيم ابن فراس وأحمد بن مت البخاري ولم يكن من أهل الضبط للقراءات ولا الحفظ للحروف وانتقل من مصر إلى مكة . وتوفي بها بعد أن أقرأ وحدث أعوما سنة سبع وأربع ومائة .
عمران بن عبد ربه بن غزلون المعافري . من أهل قرطبة ؛ يكنى : أبا سعيد .
روى عن أبي عيسى الليثي وأبي محمد الأصيلي وغيرهما . وهو اختصر كتاب الدلائل للأصيلي . وكان شيخا صالحا ثقة فيما رواه . حدث عنه أبو حفص الزهراوي والطبني وقال : توفي : سنة إحدى وعشرين وأربع مائة .
عريب بن محمد بن مطرف بن عريب : من أهل قرطبة ؛ يكنى : أبا مروان .
له سماع بالمشرق على أبي الحسن بن جهضم بمكة . وكان من أهل الأدب . والمعرفة حسن الإيراد للأخبار واستقضى في الفتنة على كورة ريه وقتل خطأ على باب داره في ربيع الآخر من سنة تسع وأربع مائة . ودفن بمقبرة أم سلمة . ذكر وفاته ابن حيان .
عبادة بن عبد الله بن محمد بن عبادة بن أفلح بن الحسين بن يحيى بن سعيد ابن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي كذا نسبه أبو الوليد بن الفرضي في كتاب طبقات الشعراء له : ويعرف بابن ماء السماء الأديب : من أهل قرطبة ؛ يكنى : أبا بكر