وهذا إنسان كانت له جارية تغنّي فباعها واشترى بثمنها برذونا فمرّ به هذا الشاعر وهو يلجَم فسمَّاه قَينة إذ كان شراؤه مسبَّبا عن ثمن القَينة . وعليه قول الله سبحانه : ( إني أراني أعصر خمرا ) ( وإنما يعصِر عنبا يصير خمرا ) فاكتفى بالمسبّب الذي هو الخمر من السبب الذي هو العنب . وقال الفرزدق : .
( قتلتُ قتيلا لم يَرَ الناسُ مثلَه ... أقبِّله ذا تُومَتين مسوّرا ) .
وإنما قتل حيّا يصير بعد قتله قتيلا فاكتفى بالمسبَّب من السبب . وقال : .
( قد سَبَق الأشقر وَهوْ رابضُ ... فكيف لا يَسبِق إذ يراكضُ ) .
يعني مُهْرا سَبَقت أُمُّه وهو في جوفها فاكتفى بالمسبَّب الذي هو المهر من السبب الذي هو الأمّ . وهو كثير جدّا . فإذا مرّ بك فاضممه إلى ما ( ذكرنا منه ) باب في كثرة الثقيل وقِلَّة الخفيف .
هذا موضع من كلامهم طريف . وذلك أنا قد أحطنا علما بأنّ الضمة أثقل من الكسرة وقد ترى مع ذلك إلى كثرة ما توالت فيه الضمَّتان نحو طُنُب وعُنُق وفُنُق وحُشُد وجُمُد وسُهُد وطُنُف وقِلَّة نحو إبل . وهذا موضع محتاج إلى نظر .
وعِلَّة ذلك عندي أن بين المفرد والجملة أشباها