ومن ذلك امتناعهم من تنوين الفعل . وذلك أنه قد استمرّ فيه الحذف والجزم بالسكون لثقله . فلمّا كان موضعا للنقص منه لم تِلْق به الزيادة فيه . فهذا قول .
وإن شئت قلت : إن التنوين إنما لحق في الوقف مؤذنا بالتمام والفعل أحوجُ شيء إلى الفاعل فإذا كان من الحاجة إليه مِن بعده على هذه الحال لم يلِق به التنوين اللاحق للإيذان بالتكامل والتمام فالحالان إذًا كما ترى ضدّان . ولأجل ذلك ما امتنعوا من لحاق التنوين للمضاف . وذلك أن المضاف على غاية الحاجة إلى المضاف إليه من بعده . فلو ألحقته التنوين المؤذِن بالوقف وهو متناهٍ في قوّة الحاجة إلى الوصل جمعتَ بين الضدّين . وهذا جليّ غير خاف . وأيضا فإن التنوين دليل التنكير والإضافة موضوعة للتخصيص فكيف لك باجتماعهما مع ما ذكرنا من حالهما .
فإن قلت : فإذا كان الأمر كذلك فما بالهم نوَّنوا الأعلام كزيد وبكر .
قيل : جاز ذلك لأنها ضارعت بألفاظها النكِرات إذ كان تعرّفها معنويّا لا لفظيّا لأنه لا لام تعريف فيها ولا إضافة كما صرفوا من الجمع ما ضارع الواحد ببنائه نحو كلاب ( لأنه ككتاب ) وشيوخ لأنه كسُدُوس ودخول وخروج . وهذا باب مطّرد فاعرفه