وقوله : .
( وهنّ من الإخلاف بعدك والمطلِ ... ) .
وأصل هذا الباب عندي قول الله - عزّ وجلّ - ( خُلِق الإنسان من عجل ) . وقد ذكرنا هذا الفصل فيما مضى . فقولك إذًا : هذا رجل دنِف - بكسر النون - أقوى إعرابا لأنه هو الصفة المحضة غير المتجوّزة . وقولك : رجل دَنَف أقوى معنى لما ذكرناه : من كونه كأنه مخلوق من ذلك الفعل . وهذا معنى لا تجده ولا تتمكن منه مع الصفة الصريحة . فهذا وجه تجاذب الإعراب والمعنى فاعرفه وأمِض الحكم فيه على أيّ الأمرين شئت . باب في التفسير على المعنى دون اللفظ .
اعلم أن هذا موضع قد أتعب كثيرا من الناس واستهواهم ودعاهم من سوء الرأي وفساد الاعتقاد إلى ما مذِلوا به وتتايعوا فيه حتى إن أكثر ما ترى من هذه الآراء المختلفة والأقوال المستشنعة إنما دعا إليها القائلين بها تعلُّقهم بظواهر هذه الأماكن دون أن يبحثوا عن سرّ معانيها ومعاقد أغراضها .
فمن ذلك قول سيبويه في بعض ألفاظه : حتَّى الناصبة للفعل يعني في نحو قولنا : اتَّق الله حتى يُدخلك الجنَّة . فإذا سمع هذا مَن يضعف نظره اعتدّها في جملة