البتَّة وإن لم يوجد في اللفظ غير أن دلالة الحال عليه نابت مَناب اللفظ به وكذلك قولهم لرِجل مُهْوٍ بسيفٍ في يدِه زيدا أي اٌضرب زيدا فصارت شهادةُ الحال بالفعل بدلا من اللفظ به وكذلك قولك للقادِم من سفر خيرَ مقْدَم أي قِدمت خير مقدم وقولك قد مررت برجلٍ إنْ زيدا وإن عمرا أي إن كان زيدا وإن كان عمرا وقولك للقادِم من حّجِه مبرور مأجور أي أنت مبرور مأجور ومبرورا مأجورا أي قدِمت مبرورا مأجورا وكذلك قوله .
( رَسِم دار وقفتُ في طلَله ... كدتُ أقِضي الغداة من جَلَله ) .
أي ربَّ رسم دار وكان رُؤبة إذا قيل له كيف أصبحت يقول خيرٍ عافاك الله أي بخير يحذف الباء لدلالة الحال عليها بجرى العادة والعرف بها وكذلك قولهم الذي ضربت زيد تريد الهاء وتحذفها لأن في الموضع دليلا عليها وعلى نحو من هذا تتوجَّه عندنا قراءةُ حمزة وهي قوله سبحانه ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ ) ليست هذه القراءة عندنا من الإبعادِ والفحش والشناعة والضعف على ما رآه فيها وذهب إليه أبو العباس بل الأمر فيها دون ذلك وأقربُ وأخّف وألطف وذلك أن لحمزة أن يقول لأبي العباس إنني لم أحِمل الأرحام على العطف على المجرور المضمر بل اعتقدتُ أن تكون فيه باء ثانية حتى كأني قلت وبالأرحام ثم حذفت الباء لتقدّم ذكرها كما حُذِفتْ لتقدّم