منكور لا يعرف وإِنما ينبغي أن تقدّم المعرفة ثم تخبر عنها بخبر يستفاد منه معنى منكور نحو زيد عندك ومحمد منطلق وهذا واضح فإن قلت فلم وجب مع هذا تأخيرُ النكرة في الإخبار عنها بالواجب قيل لمّا قبح ابتداؤها نكرة لما ذكرناه رأَوْا تأخيرها وإيقاعها في موقع الخبر الذي بابه أن يكون نكرة فكان ذلك إصلاحا للَّفظ كما أحَّروا اللام لام الابتداء مع إنّ في قولهم إن زيدا لقائم لإصلاح اللفظ وسترى ذلك في بابه بعون اللّه وقدرته فاعلم إذاً أنه لا تُنقَض مرتبة إلاّ لأمر حادث فتأمَّله وابحث عنه .
باب من غلبة الفروع على الأصول .
هذا فصل من فصول العربيَّة طريف تجده في معاني العرب كما تجده في معانى الإعراب ولا تكاد تجد شيئا من ذلك إلاّ والغرض فيه المبالغة .
فمِمّا جاء فيه ذلك للعرب قولُ ذي الرُمَّة .
( ورَملٍ كأوراكِ العذارَى قطعتُه ... إذا أَلْبَسته المُظلماتُ الحنادِسُ ) .
أفلا ترى ذا الرَّمة كيف جعل الأصل فرعا والفرع أصلا وذلك أن العادة والعرف في نحو هذا أن تشبَّه أعجاز النساء بكُثْبان الأنقاء ألا ترى إلى قوله .
( ليلَى قضيبٌ تحته كثِيب ... وفي القِلاَدِ رَشَأٌ رَبيب )