ومما يجوز في القياس وإن لم يرد به استعمال الأفعال التي وردت مصادرها ورُفضت هي نحو قولهم فاظ المِّيت يَفِيظ فَيْظا وفَوْظا ولم يستعملوا من فَوْظ فِعْلا وكذلك الأين للإعياء لم يستعملوا منه فِعْلا قال أبو زيد وقالوا رجل مُدَرْهَم ولم يقولوا دُرْهِم وحدثنا أبو عليّ اظنّه عن ابن الأعرابيّ أنهم يقولون دَرْهَمَت الخُبّازَى فهذا غير الأول وقالوا رجل مفئود ولم يصرِّفوا فِعْله ومفعولٌ الصفة إنما يأتي على الفِعْل نحو مضروب من ضُرِب ومقتول من قُتِل .
فأمّا امتناعهم من استعمال أفعال الوَيْح والوَيْلِ والوَيْسِ والوَيْبِ فليس للإستغناء بل لأن القياس نفاه ومَنَع منه وذلك أنه لو صرِّف الفعل من ذلك لوجب اعتلال فائِه كوعد وعينِه كباع فتحامَوا استعماله لِمَا كان يُعقِب من اجتماع إعلالين .
فإن قيل فهلاَّ صُرَّفت هذه الأفعال واقتُصِر في الإعلال لها على إعلال أحد حرفيها كراهية لتوالي الإعلالين كما أن شويت ورويت ونحو ذلك لّما وقعت عينها ولامها حرفي عِلّة صحَّحوا العين لاعتلال اللام تحاميِاً لاجتماع الإعلالين فقالوا شَوَى يشوِي كقوله رمَى يرمي .
قيل لو فُعل ذلك في فِعْل وَيْح وويلٍ لوجب أن تعلّ العين وتصحَّح الفاء كما أنه لمّا وجب إعلال أحد حرفي شويت وطويت وتصحيح صاحبه أعلّوا اللام وصححَّوا العين ومحّل الفاء من العين محلّ العين من اللام فالفاء اقوى