ولا متضاغطين فإنهم بتجاورهم وتلاقيهم وتزاورهم يَجرون مَجرى الجماعة في دار واحدة . فبعضهم يلاحظ صاحبه ويراعى أمر لغته كما يراعى ذلك من مُهمّ أمره . فهذا هذا .
وإن كان الخليل أراد بقوله : تقلب الياء الفا : أي في ييأس فالأمر أيضا عائد الى ما قدّمنا الا ترى أنه إذا شبَّه مررت بأخواك بقولهم : ييأسُ وياءسُ فقد راعى أيضا في مررت بأخواك لغة من قال : مررت بأخويك . فالأمران إذاً صائران الى موضع واحد . ولهذا نظائر في كلامهم وإنما أضع منه رسما ليُرَى به غيره بإذن الله .
وأجاز أبو الحسن أن يكون كانت العرب قِدْما تقول : مررت بأخويك وأخواك جميعا إلا أن الياء كانت أقيس للفَرْق فكثر استعمالها وأقام الآخَرون على الألف أو أن يكون الأصل قبله الياء في الجرّ والنصب ثم قلبت للفتحة قبلها ألفا في لغة بَلْحرِث بن كعب . وهذا تصريح بظاهر قول الخليل الذي قدّمناه .
ولغتهم عند أبي الحسن أضعف من ( هذا حُجْرُ ضَبّ خَرِبٍ ) قال : لأنه قد كثر عنهم الإتباع نحو شدُّ وضُرُّ وبابه فشَّبه هذا به .
ومن هذا حذف بني تميم ألف ( ها ) من قولهم ( هَلُمَّ ) لسكون اللام في لغة أهل الحجاز إذا قالوا ( آلْمُمْ ) وإن لم يقل ذلك بنو تميم أو أن يكونوا حذفوا الألف لأن أهل الحجاز حذفوها . و أيّاما كان فقد نَظَر فيه بنو تميم الى أهل الحجاز