من هذا النحو وهذه الصنعة المادّةُ الواحدة تتقلّب على ضروب التقلب كان غريبا معجِبا . فكيف به وهو يكاد يساوق الاشتقاق الأصغر ويجاريه إلى المَدَى الأبعد .
وقد رَسَمتُ لك منه رسماً فاحتذِه وَتَقيّله تحظَ به وتُكثر إعظام هذه اللغة الكريمة من أجله . نعم وتسترفدَّه في بعض الحاجة إليه فيعينك ويأخذ بيديك ألا ترى أن أبا علي C كان يقوِّى كون لام ( أُثفْيَّة ) فيمن جعلها ( أفعولة ) واوا بقولهم : جاء يَثفُة ويقول : هذا من الواو لا محالة كيعده . فيرحج بذلك الواو على الياء التي ساوقتها في يَثْفوه ويثفيه . أفلا تراه كيف استعان على لام ثَفَا بِفاء وَثَف . وإنما ذلك لأنها مادّة واحدة شُكِّلت على صُور مختلفة فكأنها لفظة واحدة . وقلت مرة للمتنبئ : أراك تستعمل في شعرك ذا وتا وذى كثيرا ففكَّر شيئا ثم قال : إن هذا الشعر لم يُعمل كلّه في وقت واحد . فقلت له : أجل لكن المادّة واحدة . فأمسك البتّة . والشيء يذكر لنظيره فإن المعاني وإن اختلفت معنيّاتها آوية إلى مضجع غير مُقِضّ وآخذ بعضُها برقاب بعض باب في الإدّغام الأصغر .
قد ثبت أن الإدّغام المألوف المعتاد إنما هو تقريب صوت من صوت . وهو في الكلام على ضربين : أحدهما أن يلتقى المثْلان على الأحكام التي يكون عنها الادّغام فيَّدغم الأول في الآخِر