فذاك من ( ح ل س ) وهذا من ( أرز ) فالحاء أخت الهمزة واللام أخت الراء والسين أخت الزاى . وقالوا : أُفل كما قالوا : غبر لأن أفل : غاب والغابر غائب أيضا . فذاك من ( أ ف ل ) وهذا من ( غ ب ر ) فالهمزة أخت الغين والفاء أخت الباء واللام أخت الراء .
وهذا النحو من الصنعة موجود في أكثر الكلام وفَرْش اللغة وإنما بقى مَنْ يثِيره ويبحث عن مكنونهِ بل مِنْ إذا أُوضِح له وكُشِفت عنده حقيقته طاع طبعُه لها فوعاها وتقّبلها . وهيهات ذلك مطلبا وعزّ فيهم مذهبا ! وقد قال أبو بكر : من عرف ألِف ومن جهِل استوحش . ونحن نُتبع هذا الباب بابا أغرب منه وأدّل على حِكمةِ القديم سبحانه وتقدّست أسماؤه فتأمله تَحْظَ به بعون الله تعالى باب في إِمساس الألفاظ أشبَاَهَ المعاني .
اعلم أن هذا موضع شريف لطيف . وقد نبّه عليه الخليل وسيبويه وتلقَّته الجماعة بالقبول له والاعتراف بصحّتِه .
قال الخليل : كأنهم توهّموا في صوت الجُنْدُب استطالة ومدّا فقالوا : صَرَّ وتوهّموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا : صرصر .
وقال سيبويه في المصادر التي جاءت على الفَعَلان : إنها تأتي للاضطراب والحركة نحو النَقَزان والغليان والغثيان . فقابلوا بتوالى حركات المثال توالى حركات الأفعال