ونخله ينخُله فلم يَمنع من المضارع ما مَنَع من الماضي فأخذوا منهما ما ساغ واجتنبوا ما لم يسُغ .
فإن قلت : فقد قالوا : قاضاني فقضيته أقضيه وساعاني فسعيته أسعيه قيل : لم يكن مِن ( يفعِله ) ههنا بدّ مخافة أن يأتى على يفعُل فينقلب الياء واوا وهذا مرفوض في هذا النحو من الكلام .
وكما لم يكن من هذا بُدّ ههنا لم يجئ أيضا مضارع فَعَل منه ممَّا فاؤه واو بالضم بل جاء بالكسر على الرسم وعادة العرب . فقالوا : واعدنى فوعدته أعِده وواجلنى فوجلته أجِلُه وواضأني فوضأته أَضؤه . فهذا كوضعته - من هذا الباب - أضعهُ .
ويدلّك على أن لهذا الباب أثرا في تغييره باب فَعَل في مضارعه قولهم ساعاني فسعيته أسعِيه ولم يقولوا : أسعاه على قولهم : سعى يسعَى لمَّا كان مكانا قد رُتّب وقُرّر وزُوى عن نظيره في غير هذا الموضع .
فإن قلت : فهلا غيَّروا ما فاؤه واو كما غيَّروا ما لامه ياء فيما ذكرت فقالوا : واعدني فوعدته أَوعُدُه لِمَا دخله من المعنى المتجدّد .
قيل : ( فَعَل ) مما فاؤه واو لا يأتى مضارعه أبدا بالضمّ إنما هو بالكسر نحو وجد يجِد ووزن يزن وبابه وما لامه ياء فقد يكون على يفعِل كيرمى ويقضى وعلى يفعَل كيرعى ويسعى . فأمر الفاء إذا كانت واوا في فَعَل أغلظ حكما من أمر اللام إذا كانت ياء . فاعرف ذلك فرقا