باب في العدول عن الثقيل إلى ما هو أثقل منه لضرب من الاستخفاف .
اعلم أن هذا موضع يُدفع ظاهره إلى أن يعرف غوره وحقيقته . وذلك أنه أمر يعرض للأمثال إذا ثقلت لتكريرها فيترك الحرف إلى ما هو أثقل منه ليختلف اللفظان فيخِفَّا على اللسان .
وذلك نحو الحيوان ألا ترى أنه عند الجماعة - إلا أبا عثمان - مِن مضاعف الياء وأن أصله حيَيَان فلما ثقل عدلوا عن الياء إلى الواو . وهذا مع إحاطة العلم بأن الواو أثقل من الياء لكنه لماّ اختلف الحرفان ساغ ذلك . وإذا كان اتفاق الحروف الصِحاح القويَّة الناهضة يكره عندهم حتى يبدلوا أحدها ياء نحو دينار وقيراط وديماس ودِيباج ( فيمن قال : دماميس ودبابيج ) كان اجتماع حرفي العِلة مثلين أثقل عليهم .
نعم وإذا كانوا قد أبدلوا الياء واوا كراهية لالتقاء المِثلين في الحيوان فإبدالهم ( الواو ياء ) لذلك أولى بالجواز وأحرى . وذلك قولهم : ديوان ( واجليواذ ) . وليس لقائل أن يقول : فلما صار دوَّان إلى ديوان فاجتمعت الواو والياء وسكنت الأولى هلاّ أبدلت الواو ياء لذِلك لأن هذا ينقض الغرض ألا تراهم إنما