فلم عدل هنا إلى خلاف ذلك .
قلنا هذا وإن كان سجيتهم فذلك في الغالب وليس بضربة لازب عليهم وأيضا فقد يكون ما قدم من ذلك أهم عندهم في ذلك المقام وإن لم يكن أهم مطلقا .
ومما جاء من هذا الوجه أيضا في القرآن العظيم قوله تعالى ( كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة ) وفي الآية الأخرى ( كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع ) فقدم في آية ما أخره في الأخرى ولم يلتزم الترتيب فدل على أن الواو لا تقتضيه ودل أيضا على أن تقديم الأهم هو في الغالب والأكثر وليس بلازم .
الوجه الثالث .
أن الواو استعملت في مواضع لا يسوغ فيها الترتيب نحو تقاتل زيد وعمرو واختصم بكر وخالد وجمعت زيدا وعمرا والمال بين هذا وهذا وسيان قيامك وقعودك .
ولا يتصور الترتيب في شيء من ذلك لأن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين جميعا وكذلك بقية ما ذكر ولا يصح الإتيان في شيء منها بالفاء ولا ثم فلا تقول تقاتل زيد فعمرو ولا المال بين هذا ثم هذا ولا سيان قيامك فقعودك .
فلو كانت الواو تقتضي الترتيب لكانت في هذه الصور أو لجاز دخول الفاء وثم فيها