@ 66 @ $ المسألة الثالثة قوله ( ! < صرف الله قلوبهم > ! ) $ .
إخبار عن أنه صارف القلوب ومصرفها وقالبها ومقلبها ردا على القدرية في اعتقادهم أن قلوب الخلق بأيديهم وجوارحهم بحكمهم يتصرفون بمشيئتهم ويحكمون بإرادتهم واختيارهم ولهذا قال مالك فيما رواه عنه أشهب ما أبين هذا في الرد على أهل القدر ( ! < لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم > ! ) وقوله تعالى لنوح ( ! < أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن > ! ) فهذا لا يكون أبدا ولا يرجع ولا يزال $ الآية الحادية والخمسون $ .
قوله تعالى ( ! < لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم > ! ) .
فيها تسع مسائل $ المسألة الأولى في ثبوتها $ .
اعلموا وفقكم الله أن هذه مسألة عظيمة القدر وذلك أن الرافضة كادت الإسلام بآيات وحروف نسبتها إلى القرآن لا يخفى على ذي بصيرة أنها من البهتان الذي نزغ به الشيطان وادعوا أنهم نقلوها وأظهروها حين كتمناها نحن وقالوا إن الواحد يكفي في نقل الآية والحروف كما فعلتم فإنكم أثبتم آية بقول رجل واحد وهو خزيمة بن ثابت وهي قوله ( ! < لقد جاءكم رسول من أنفسكم > ! ) وقوله ( ! < من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه > ! ) .
قلنا إن القرآن لا يثبت إلا بنقل التواتر بخلاف السنة فإنها تثبت بنقل الآحاد والمعنى فيه أن القرآن معجزة النبي الشاهدة بصدقه الدالة على نبوته فأبقاها الله على أمته وتولى حفظها بفضله حتى لا يزاد فيها ولا ينقص منها والمعجزات إما أن تكون معاينة إن كانت فعلا وإما أن تثبت تواترا إن كانت قولا ليقع العلم بها أو تنقل صورة الفعل فيها أيضا نقلا متواترا حتى يقع العلم بها كأن السامع لها