@ 438 @ .
فإذ ضممت الفاء في الوقود والسحور والطهور عاد إلى الفعل وكان خبراً عنه فثبت بهذا أن اسم الفعول بفتح الفاء يكون بناء للمبالغة ويكون خبراً عن الآلة وهذا الذي خطر ببال الحنفية ولكن قصرت أشداقها عن لوكه وبعد هذا يقف البيان به عن المبالغة أو عن الآلة على الدليل مثاله قوله تعالى ( ! < وأنزلنا من السماء ماء طهورا > ! ) وقوله جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ويحتمل العبارة به عن الآلة فلا حجة فيه لعلمائنا لكن يبقى قوله ( ! < ليطهركم به > ! ) نصاً في أن فعله متعد إلى غيره وهذه المسألة إنما أوجب الخلاف فيها ما صار إليه الحنفية والشافعية وهي $ المسألة الثالثة $ .
حين قالوا إن الماء المستعمل في رفع الحدث لا يجوز الوضوء به مرة أخرى لأن المنع الذي كان في الأعضاء انتقل إلى الماء .
وقال علماؤنا حينئذ إن وصف الماء بأنه طهور يقتضي التكرار على رسم بناء المبالغة وهذا مما لا يحتاج إليه حسبما بيناه في مسائل الخلاف .
وإنما تنبني مسألة الماء المستعمل على أصل آخر وهو أن الآلة إذا أدي بها فرض هل يؤدى بها فرض آخر أم لا فمنع ذلك المخالف قياساً على الرقبة إنه إذا أدي بها فرض عتق لم يصلح أن يتكرر في أداء فرض آخر وهذا باطل من القول فإن العتق إذا أتى على الرق أتلفه فلا يبقى محل لأداء الفرض بعتق آخر .
ونظيره من الماء ما تلف على الأعضاء فإنه لا يصح أن يؤدى به فرض آخر لتلف عينه حساً كما تلف الرق في الرقبة بالعتق الأول حكماً وهذا نفيس فتأملوه وفي الصحيح عن جابر قال دخل علي رسول الله وأنا مريض لا أعقل فتوضأ فصب علي من وضوئه فأفقت وذكر الحديث .
وهذا يدل على أن الماء الفاضل عن الوضوء والجنابة طاهر لا على طهارة الماء المستعمل كما توهمه علماؤنا وهذا خطأ فاحش فتأملوه