@ 396 @ .
فإن قيل إنما تكون صلة في أثناء الكلام كقوله ( ! < لئلا يعلم أهل الكتاب > ! أن لا تسجد إذ أمرتك ) ونحوه فأما في ابتداء الكلام فلا يوصل بها إلا مقرونة بألف كقوله ( ! < ألا إن وعد الله حق > ! ) .
فأجابوا عنه بأن قالوا إن القرآن ككلمة واحدة وليس كما زعموا لأنه لو وصل بها ما قبلها لكانت أهل التقوى وأهل المغفرة لا أقسم بيوم القيامة .
وهذا لا يجوز حتى إن قوماً كرهوا في القراءة أن يصلوها بها وقفوا حتى يفرِّقوا بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم ليقطعوا الوصل المتوهم .
والجواب الصحيح أن نقول إن الصلة بها في أول الكلام كصلة آخره بها كذكرها في أثنائه بل ذكرها في أثنائه أبلغ في الإشكال كقوله ( ! < ما منعك ألا تسجد > ! ) ولو كان هذا كله خارجاً عن أسلوب البلاغة قادحاً في زين الفصاحة مثبِّجاً قوانين العربية التي طال القرآن بها أنواع الكلام ولاعترض عليه به الفصحاء البلغ والعرب العرب والخصماء اللد فلما سلَّموا فيه تبيَّن أنه على أسلوبهم جارٍ وفي رأس فصاحتهم منظوم وعلى قطب عربيتهم دائر وقد عبر عنه سعيد بن جبير وغيره من محققي المفسرين فقالوا قوله ( ! < لا أقسم > ! ) قسم $ المسألة الخامسة $ .
فإن قيل كيف أقسم الله سبحانه بغيره .
قلنا هذا قد بينا الجواب عنه على البلاغ في كتاب قانون التأويل وقلنا للباري تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته تعظيماً لها .
فإن قيل فلم منع النبي من القسم بغير الله .
قلنا لا تعلّل العبادات ولله أن يشرع ما شاء ويمنع ما شاء ويبيح ما شاء وينوِّع المباح والمباح له ويغاير بين المشتركين ويماثل بين المختلفين ولا اعتراض عليه فيما كلف من ذلك وحمل فإنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
فإن قيل فلم قال النبي في الحديث الصحيح للأعرابي الذي قص عليه دعائم