@ 77 @ $ المسألة الثامنة والأربعون $ .
في تحقيق معنى لم يتفطن له أحد حاشا مالك بن أنس لعظيم إمامته وسعة درايته وثاقب فطنته وذلك أن الله تعالى قال ( ! < فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق > ! وتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا ومرتين في بعض أعضائه وثلاثا في بعضها في وضوء واحد فظن بعض الناس بل كلهم أن الواحدة فرض والثانية فضل والثالثة مثلها والرابعة تعد وأعلنوا بذلك في المجالس ودونوه في القراطيس وليس كما زعموا وإن كثروا فالحق لا يكال بالقفزان وليس سواء في دركه الرجال والولدان .
اعلموا وفقكم الله أن قول الراوي إن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين وثلاثا أنه أوعب بواحدة وجاء بالثانية والثالثة زائدة فإن هذا غيب لا يدركه بشر وإنما رأى الراوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد غرف لكل عضو مرة فقال توضأ مرة وهذا صحيح صورة ومعنى ضرورة أنا نعلم قطعا أنه لو لم يوعب العضو بمرة لأعاد وأما إذا زاد على غرفة واحدة في العضو أو غرفتين فإننا لا نتحقق أنه أوعب الفرض في الغرفة الواحدة وجاء ما بعدها فضلا أو لم يوعب في الواحدة ولا في الاثنتين حتى زاد عليها بحسب الماء وحال الأعضاء في النظافة وتأتي حصول التلطف في إدارة الماء القليل والكثير عليها فيشبه والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يوسع على أمته بأن يكرر لهم الفعل فإن أكثرهم لا يستطيع أن يوعب بغرفة واحدة فجرى مع اللطف بهم والأخذ لهم بأدنى أحوالهم إلى التخلص ولأجل هذا لم يوقت مالك في الوضوء مرة ولا مرتين ولا ثلاثا إلا ما أسبغ .
قال وقد اختلفت الآثار في التوقيت يريد اختلافا يبين أن المراد معنى الإسباغ لا صورة الأعداد وقد توضأ النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم فغسل وجهه بثلاث غرفات ويده بغرفتين لأن الوجه ذو غضون ودحرجة واحديداب فلا يسترسل الماء عليه في