@ 29 @ وسليقة الآدمية من التحاسد والتنافس والتقاطع والتدابر والسلب والغارة والقتل والثارة ولم يكن بد في الحكمة الإلهية والمشيئة الأولية من كاف يدوم مع الحال ورادع يحمد معه المآل فعظم الله سبحانه في قلوبهم البيت الحرام لحقه وأوقع في نفوسهم هيبته لحكمته وعظم بينهم حرمته لقهره فكان من لجأ إليه معصوما به وكان من اضطهد محميا بالكون فيه ولذلك قال تعالى ( ! < أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم > ! ) بيد أنه لما كان موضعا مخصوصا لا يدركه كل مظلوم ولا يناله كل خائف جعل الشهر الحرام .
وهي $ المسألة السابعة $ .
ملجأ آخر فقرر في قلوبهم وأوقع في نفوسهم حرمة الأشهر الحرم فكانوا لا يروعون فيها سربا ولا يطلبون فيها ذنيا ولا يتوقعون فيها ثأرا حتى كان الرجل يلقى قاتل أبيه وابنه وأخيه فلا يؤذيه .
واقتطعوا فيها ثلث الزمان ووصلوا منها ثلاثة متوالية فسحة وراحة ومجالا للسياحة في الأمن واستراحة وجعلوا منها واحدا مفردا في نصف العام دركا للاحترام ثم يسر لهم الإلهام وشرع على ألسنة الرسل الكرام الهدي والقلائد فكانوا إذا أخذوا بعيرا أشعروه دما وعلقوا عليه نعلا روى ابن القاسم وابن عبد الحكم عن مالك وهي $ المسألة الثامنة $ .
أن القلائد حبل يفتله ونعلان يقلدهما والنعل الواحد تجزي ولذلك روى ابن وهب عن ابن عمر أنه كان يقلد نعلين وربما قلد نعلا واحدا فإذا فعل الرجل ذلك في بعيره أو في نفسه لم يرعه ذلك حيث لقيه وكان الفيصل بينه وبين من طلبه أو ظلمه حتى جاء الله بالإسلام وبين الحق بمحمد عليه السلام فانتظم الدين في سلكه وعاد الحق إلى نصابه وبهذا وجبت الخلافة هدى ومنع الله الخلق بعد ذلك أن يترك