الظاهر أنه كان جعليا وإلا مثله ما يخالف الإجماع ويبالغ في مثل هذه المغايرة ولعمري إنه في بابه من التشابيه البليغة مع نفور الطباع عن صيغته .
ومثله قول أبي العلاء السروي في هجو النرجس وتشبيه أعلاه بدونه .
( كراثة ركبت عليها ... صفرة بيض على رقاقه ) .
وأصحاب المعاني والبيان أطلقوا أعنة الكلام في ميادين حدود التشبيه وتقاريرها وهو عندهم الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى .
وقال الرماني التشبيه هو العقد على أن أحد الشيئين يسد مسد الآخر في حال وهذا هو التشبيه العام الذي يدخل تحته التشبيه البليغ وغيره والتشبيه البليغ هو إخراج الأغمض إلى الأوضح مع حسن التأليف .
ومنهم من قال التشبيه هو الدلالة على اشتراك شيئين في وصف هو من أوصاف الشيء الواحد .
وقال ابن رشيق في العمدة التشبيه صفة الشيء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة لأنه لو ناسبه مناسبة كلية كان إياه ألا ترى إلى قولهم خد كالورد إنما مرادهم احمرار أوراقه وطراوتها لا ما سوى ذلك من صفرة وسطه وخضرة كمائمه .
انتهى حد ابن رشيق .
وقيل التشبيه إلحاق أدنى الشيئين بأعلاهما في صفة اشتركا في أصلها واختلفا في كيفيتها قوة وضعفا .
قلت وهذا حد مفيد .
وأورد ابن أبي الأصبع في كتابه تحرير التحبير للرماني حدا زاد في حسنه على الحد وهو أن التشبيه تشبيهان .
الأول منهما تشبيه شيئين متفقين بأنفسهما كتشبيه الجوهر بالجوهر مثل قولك ماء النيل كماء الفرات وتشبيه العرض بالعرض كقولك حمرة الخد كحمرة الورد وتشبيه الجسم بالجسم كقولك الزبرجد مثل الزمرد .
والثاني تشبيه شيئين مختلفين بالذات لجمعهما معنى واحدا مشتركا كقولك حاتم كالغمام وعنترة كالضرغام .
وتشبيه الاتفاق وهو الأول تشبيه حقيقي وتشبيه الاختلاف وهو الثاني تشبيه مجازي والمراد المبالغة انتهى .
ووقوع حسن البيان والمبالغة في التشبيه على وجوه منها إخراج ما لا تقع عليه