ومنه قول الفرزدق في علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب Bهم أجمعين .
( يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم ) ومن الغلو المقبول بغير أداة التقريب قول أبي الطيب المتنبي في ممدوحه .
( عقدت سنابكها عليه عثيرا ... فلو ابتغى عنقا عليه أمكنا ) .
معنى هذا البيت أن سنابك الخيل وهي أطراف الحوافر عقدت على هذا الممدوح عثيرا وهو الغبار حتى لو أراد أنه يمشي عليه عنقا لأمكن والعنق هو المشي السريع وانعقاد الغبار في الهواء حتى يمكن المشي عليه مستحيل عقلا وعادة إلا أنه تخيل حسن مقبول .
وقد وقع للقاضي الأرجاني جمع فيه بين الشيئين الموجبين للقبول والتقريب وهما ما جرى بهما مجرى كاد والتخيل الحسن وذلك قوله .
( يخيل لي أن سمر الشهب في الدجا ... وشدت بأهدابي إليهن أجفاني ) .
فقوله يخيل لي هو الجاري مجرى كاد فإنه جعل الأمر توهما لا حقيقة وأما التخيل الحسن فهو ما ذكر من تسمير الشهب ود أجفانه إليها بأهدابه وجعل الأهداب بمنزلة الحبال ولا يخفى ما في هذا من التخييل الحسن .
وأما الغلو الذي هو غير مقبول فكقول أبي نواس .
( فلما شربناها ودب دبيبها ... إلى موضع الأسرار قلت لها قفي ) .
( مخافة أن يسطو علي شعاعها ... فيطلع ندماني على سري الخفي ) .
قالوا إن سطوة شعاع الخمر عليه بحيث يصير جسمه شفافا يظهر لنديمه ما في باطنه لا يمكن عقلا ولا عادة .
ومنه قول بعضهم .
( أسكر بالأمس إن عزمت على ... الشرب غدا إن ذا من العجب )