فأي شيء أبعد استعارة من صوت المال وكيف يصيح ويبح من الشكوى ومثله قول بشار .
( وجدت رقاب الوصل أسياف هجرنا ... وقدت لرجل البين نعلين من خدي ) .
قال ابن رشيق في العمدة ما أقبح رجل البين وأهجن استعارتها وكذلك رقاب الوصل .
ومثله قول ابن المعتز وهو من أنقد النقاد كل يوم يبول زب السحاب .
وأين هذا البعد من قرب استعارة ابن نباتة القديم في قوله .
( حتى إذا نهر الأباطح والثرى ... نظرت إليه بأعين النوار ) .
فنظر أعين النوار من أشبه الاستعارات وأليقها وأقربها لأن النوار يشبه العيون إذا كان مقابلا لمن يمر به كأنه ناظر إليه ويعجبني هنا قول القائل ولم يلحق فيما قاله .
( مجرة جدول وسماء آس ... وأنجم نرجس وشموس ورد ) .
( ورعد مثالث وسحاب كاس ... وبرق مدامة وضباب ند ) .
ومن الغايات في هذا الباب قول مجير الدين ابن تميم .
( وليلة بت أسقى في غياهبها ... راحا تسل شبابي من يد الهرم ) .
( ما زلت أشربها حتى نظرت إلى ... غزالة الصبح ترعى نرجس الظلم ) .
والذي اتفق عليه علماء البديع أن الاستعارة المرشحة هي المقدمة في هذا الباب وليس فوق رتبتها في البديع رتبة وأعلاها وأغلاها قوله تعالى ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم ) فإن الاستعارة الأولى وهي لفظ الشراء رشحت الثانية وهي لفظ الربح والتجارة ومن الاستعارات المرشحة قول الإمام