( إذا ما المسك طيب ريح قوم ... كفتني ذاك رائحة المداد ) .
( وما شيء بأحسن من ثياب ... على حافاتها حمم السواد ) .
وقال بعض الأدباء عطروا دفاتر الآداب بسواد الحبر .
وكان في حجر إبراهيم بن العباس قرطاس يمشق فيه كلاما فأسقط فمسحه بكمه فقيل له لو مسحته بغيره فقال المال فرع والقلم أصل والأصل أحق بالصون من الفرع .
وأنشد في ذلك .
( إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدوي عطر الرجال ) .
وأنشد غيره .
( من كان يعجبه أن مس عارضه ... مسك يطيب منه الريح والنسما ) .
( فإن مسكي مداد فوق أنملتي ... إذا الأصابع يوما مست القلما ) .
على أن بعضهم قد أنكر ذلك وقال المداد في ثوب الكاتب سخافة ودناءة منه وقلة نظافة قال أبو العالية تعلمت القرآن والكتابة وما شعر بي أهلي وما رؤي في ثوبي مداد قط .
وأنشدوا .
( دخيل في الكتابة يدعيها ... كدعوى آل حرب في زياد ) .
( يشبه ثوبه للمحو فيه ... إذا أبصرته ثوب الحداد ) .
( فدع عنك الكتابة لست منها ... ولو لطخت وجهك بالمداد ) .
وقال فارس بن حاتم ببريق الحبر تهتدي العقول لخبايا الحكم لأنه أبقى على الدهر وأنمى للذكر وأزيد للأجر .
واعلم أن المداد ركن من أركان الكتابة وعليه مدار الربع منها وأنشدوا في ذلك .
( ربع الكتابة في سواد مدادها ... والربع حسن صناعة الكتاب ) .
( والربع من قلم تسوي بريه ... وعلى الكواغد رابع الأسباب ) .
قال بعض العلماء رحمهم الله وإنما اختير فيه السواد دون غيره لمضادته