كلامهم فقد نقل ما قالت حكماء العجم والفلاسفة إلى العربية ولم يقدر أحد من الأمم على نقل القرآن إلى لغته لكمال لغة العرب على أن الكثير من الناس حاولوا ذلك فعسر عليهم نقله وتعذرت عليهم ترجمته بل لم يصلوا إلى ترجمة البسملة إلا بنقل بعيد .
المقصد الثاني .
في وجه احتياج الكاتب إلى اللغة .
لا مرية في أن اللغة هي رأس مال الكاتب وأس كلامه وكنز إنفاقه من حيث إن الألفاظ قوالب للمعاني التي يقع التصرف فيها بالكتابة وحينئذ يحتاج إلى طول الباع فيها وسعة الخطو ومعرفة بسائطها من الأسماء والأفعال والحروف والتصرف في وجوه دلالتها الظاهرة والخفية ليقتدر بذلك على استعمالها في محالها ووضعها في مواضعها اللائقة بها ويجد السبيل إلى التوسع في العبارة عن الصور القائمة في نفسه فيتسع عليه نطاق النطق وينفسح له المجال في العبارة وينفتح له باب الأوصاف فيما يحتاج إلى وصفه وتدعو الضرورة إلى نعمته فيستظهر على ما ينشيه ويحيط علما بما يذره ويأتيه إذ المعاني وإن كانت كامنة في نفس المعبر عنها فإنما يقوى على إبرازها وإبانتها من توفر حظه من الألفاظ واقتداره على التصرف فيها ليأمن تداخلها وتكريرها المهجنين للمعاني وناهيك أن ابن قتيبة لم يضمن كتابه أدب الكاتب غير اللغة إلا النزر اليسير من الهجاء وأبا جعفر النحاس ضمن كتابه صناعة الكتاب جزءا وافرا من اللغة وأبا الفتح كشاجم لم يزد في كتابه كنز الكتاب على ذكر الألفاظ وصورة تركيبها