حكى أن أحمد بن طولون صاحب مصر كان له إلمام بمدينة عين شمس الخراب على القرب من المطرية من ضواحي القاهرة حيث ينبت البلسان وأن يد فرسه ساخت بها يوما في أرض صلدة فأمر بحفر ذلك المكان فوجد فيه خمسة نواويس فكشفها فوجد في الأوسط منها ميتا مصبرا في عسل وعلى صدره لوح لطيف من ذهب فيه كتابة لا تعرف والنواويس الأربعة مملوءة بسبائك الذهب فنقل ذلك الذهب ولم يجد من يقرأ ما في اللوح فدل على راهب شيخ بدير العربة بالصعيد له معرفة بخط الأولين فأمر بإحضاره فأخبره بضعفه عن الحركة فوجه باللوح إليه فلما وقف عليه قال إن هذا يقول أنا أكبر الملوك وذهبي أخلص الذهب .
فلما بلغ ذلك أحمد بن طولون قال قبح الله من يكون هذا الكافر أكبر منه أو ذهبه أخلص من ذهبه فشدد في العيار في دور الضرب وكان يحضر ما يعلق من الذهب ويختم بنفسه فبقي الأمر على ما قرره في ذلك من التشديد في العيار .
وكانت دار الضرب في الدولة الفاطمية لا يتولاها إلا قاضي القضاة تعظيما لشأنها وتكتب في عهده في جملة ما يضاف إلى وظيفه القضاء ويقيم لمباشرة ذلك من يختاره من نواب الحكم وبقي الأمر على ذلك زمنا بعد الدولة الفاطمية أيضا .
أما في زماننا فنظرها موكول لناظر الخاص الذي استحدثه الملك الناصر محمد بن قلاوون عند تعطيله الوزارة على ما سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى .
والسكة السلطانية بالديار المصرية فيما هو مشاهد من الدنانير أن يكتب على أحد الوجهين لا إله إلا الله وحده لا شريك له أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون وعلى الوجه الآخر اسم السلطان الذي ضرب في زمنه وتاريخ سنة ضربه