جبلين يخرج منها دخان لا يستطيع أحد أن يقربها وإذا طار عليها طائر سقط فيها واحترق وبناحية داذين نهر ماء عذب يعرف بنهر أخشين يشرب منه الناس وتسقى به الأرض وإذا غسلت به الثياب خرجت خضرا .
وأما المنتزهات فبها نهر الأبلة وشعب بوان وهما نصف منتزهات الدنيا الأربعة وهي نهر الأبلة وشعب بوان المذكوران وصغد سمرقند وغوطة دمشق وقد تقدم أن نهر الأبلة نهر شقه زياد مقابلة نهر معقل وبينهما البساتين والقصور العالية والمباني البديعة يتسلسل مجراه وتتهلل بكره وعشاياه ويظله الشجر وتغني به زمر الطير وفيه يقول القاضي التنوخي من أبيات .
( وإذا نظرت إلى الأبلة خلتها ... من جنة الفردوس حين تخيل ) .
( كم منزل في نهرها آلى السرور ... بأنه في غيرها لا ينزل ) .
( وكأنما تلك القصور عرائس ... والروض حلي وهي فيه ترفل ) .
وشعب بوان وهو عدة قرى مجتمعة ومياه متصلة والأشجار قد غطت تلك القرى فلا يراها الإنسان حتى يدخلها وهو بظاهر همذان يشرف عليها من جبل وهو في سفح الجبل والأنهار تنحط عليه من اعلى الجبل وهو من أبدع بقاع الأرض منظرا قال المبرد أشرفت على شعب بوان فنظرت فإذا بماء ينحدر كأنه سلاسل فضة وتربة كالكافور وثرية كالثوب الموشى وأشجار متهادلة وأطيار متجاوبة وفيه يقول أبو الطيب المتنبي حين مر به .
( مغاني الشعب طيبا في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمان ) .
( ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان ) .
الجملة السابعة في ذكر من ملك مملكة إيران جاهلية وإسلاما .
وهم على ضربين