الجملة الثانية في أصل وضع الألقاب والنعوت المؤدية إلى المدح .
واعلم أن القاب المدح ونعوته لم تزل واقعة على أشراف الناس وجلة الخلق في القديم والحديث فقد ثبت تلقيب إبراهيم عليه السلام ب الخليل وتلقيب موسى عليه السلام ب الكليم وتلقيب عيسى عليه السلام ب المسيح وتلقيب يونس عليه السلام ب ذي النون وكان النبي يلقب قبل البعثة ب الأمين ووردت التواريخ بذكر ألقاب جماعة من العرب في الجاهلية كذي يزن وذي المنار وذي نواس وذي رعين وذي جدن وغيرهم مما هو مشهور شائع .
وكذلك وقعت ألقاب المدح على كثير من عظماء الإسلام وأشرافه كالصحابة رضوان الله عليهم فمن بعدهم من الخلفاء والوزراء وغيرهم فكان لقب أبي بكر عتيقا ثم لقب ب الصديق بعد ذلك ولقب عمر الفاروق ولقب عثمان ذا النورين ولقب علي حيدرة ولقب حمزة بن عبد المطلب أسد الله ولقب خالد بن الوليد سيف الله ولقب عمرو بن عمرو ذا اليدين ولقب مالك بن التيهان الأنصاري ذا السيفين ولقب خزيمة بن ثابت الأنصاري ذا الشهادتين ولقب جعفر بن أبي طالب بعد استشهاده ذا الجناحين .
وأما الخلفاء فخلفاء بني أمية لم يتلقب أحد منهم فلما صارت الخلافة إلى بني العباس وأخذت البيعة لإبراهيم بن محمد لقب ب الإمام ثم تلقب من بعده من خلفائهم فتلقب محمد بن علي ب السفاح لكثرة ما سفح من دماء بني أمية .
واختلف في لقبه بالخلافة فقيل القائم وقيل المهتدي وقيل المرتضي وألقاب الخلفاء بعده إلى زماننا معروفة مشهورة على ما مر ذكره في المقالة الثانية .
وعلى ذلك كانت ألقاب خلفاء بني أمية بالأندلس إلى حين انقراضهم على ما هو مذكور في مكاتبة صاحب الاندلس على ما سيأتي في المكاتبات في المقالة الرابعة إن شاء الله تعالى .
ثم تعدت ألقاب الخلافة إلى كثير من ملوك الغرب بعد ذلك وتلا الخلفاء