والحكايات والأخبار في ذلك كثيرة والإطناب يخرج عن المقصود ويؤدي إلى الملال وفيما ذكرنا من ذلك مقنع والله أعلم .
المقصد الثالث في كيفية تصرف الكاتب في مثل هذه المكاتبات والرسائل .
غير خاف على من تعاطى صناعة النثر والنظم أنه لا يستقل أحد باستخراج جميع المعاني بنفسه ولا يستغني عن النظر في كلام من تقدمه لاقتباس ما فيه من المعاني الرائقة والألفاظ الفائقة مع معرفة ترتيب أهل كل زمن واصطلاحهم فينسج على منوالهم أو يقترح طريقة تخالفهم وتوارد الكتاب والشعراء على المعاني غير مجهول فإن التوارد يقع في الشعر الذي هو مبني على أصل واحد من وزن وقافية فإنه إذا وقف على المعنى وترتيب الكلام عرف كيف ينسج الكلام مثل أن يكتب في تهنئة بمولود قد جعلك الله من نبعة طابت مغارسها ورسخت عروقها فالزيادة فيها زيادة في جوهر الكرم وذخيرة نفيسة لذوي الإقبال فتولى الله نعمه عندك بالحراسة الوافية والولاية الكافية وقد بلغني الخبر بحدوث الولد المبارك والفرع الطيب الذي عمر أفنية السيادة وأضحك مطلع السعادة فتباشرت بذلك وابتهجت به فجعله الله برا تقيا سعيدا حميدا يتقيل سلفه ويقتفي أثرهم وأيمن به عددك وكثر به ذريتك وأوزعك الشكر عليه وأجارك فيه من الثكل برحمته .
فيأخذ آخر المعنى ويورده بألفاظ أخرى فيقول قد جعلك الله من شجرة زكت غصونها وفرع شرفت منابته فالنمو فيها نعمة كاملة السعادة وغبطة شاملة السرور فتولى فضله عليك بالحفاظ الراعي والدفاع الكالي وقد اتصل بي خبر السليل الرضي والولد الصالح الذي حدد فوائد السيادة وثبت أساس الرفعة فاغتبطت به واستبشرت جعله الله تعالى ولدا ميمونا ونجلا سعيدا يسلك مناهج سلفه ويحذو في المحاسن حذوهم وزاد به في ثروتك وأراك فيه غاية أملك وسرك بوجوده وأسعدك برؤيته