يكون ذلك من المكاتبات الإخوانيات مثل ما كتب به القاضي الفاضل إلى بعض إخوانه يستوحش منه ويتشوق إليه .
( فيا رب إن البين أضحت صروفه ... علي ومالي من معين فكن معي ) .
( على قرب عذالي وبعد أحبتي ... وأمواه أجفاني ونيران أضلعي ) .
هذه تحية القلب المعذب وسريرة الصبر المذبذب وظلامة عزم السلو المكذب أصدرتها إلى المجلس وقد وقد في الحشا نارها الزفير أوارها والدموع شرارها والشوق أثارها وفي الفؤاد ثارها .
( لو زارني منكم خيال هاجر ... لهدته في ظلمائه أنوارها ) .
أسفا على أيام الاجتماع التي كانت مواسم السرور والأسرار ومباسم الثغور والأوطار وتذكرا لأوقات عذب مذاقها وامتد بالأنس رواقها وزوجت بكرها ودوعب ذكرها .
( والله ما نسيت نفسي حلاوتها ... فكيف أذكر أني اليوم أذكرها ) .
ومذ فارقت الجناب لا زال جنا جنابه نضيرا وسنا سنائه مستطيرا وملكه في الخافقين خافق الأعلام وعزه على الجديدين جديد الأيام لم أقف منه على كتاب تخلف سطوره ما غسل الدمع من سواد ناظري ويقدم ببياض منظومه ومنثوره ما وزعه البين من سويداء خاطري .
( ولم يبق في الأحشاء إلا صبابة ... من الصبر تجري في الدموع البوادر ) .
وأسأله المناب بشريف الجناب وأداء فرض تقبيل الأرض حيث تلتقي وفود الدنيا والآخرة وتعمر البيوت العامرة المنن الغامرة وفضل الظل غير منسوخ بهجيره ويبشر المجد بشخص لا تسمح الدنيا بنظيره