وكتاب أمير المؤمنين هذا إليك وقد انكفأ عن ديار الفلانيين والمشركين إلى دست خلافته ومقر إمامته بعد أن غزاهم برا وبحرا وشردهم سهلا ووعرا وجرعهم من عواقب كفرهم مرا وفرق جمائعهم التي تطبق سهوب الفضاء خيلا ورجلا وتضيق بها المهامه حزنا وسهلا ومزق كتائبهم التي تلحق الوهاد بالنجاد وتختطف الأبصار ببوارق الأغماد وسبى الذراري والأطفال وأسر البطاريق والأقيال وافتتح المعاقل والأعمال وحاز الأسلاب والأموال واستولى من الحصون على حصن كذا وحصن كذا ومحا منها رسوم الشرك وعفاها وأثبت سنن التوحيد بها وأمضاها وغنم أولياء أمير المؤمنين ومتطوعة المسلمين من الغنائم ما أقر العيون وحقق الظنون وانفصلوا وقد زادت بصائرهم نفاذا في الدين وسرائرهم إخلاصا في طاعة أمير المؤمنين بما أولاهم الله من النصر والإظفار والإعزاز والإظهار ووضح للمشركين بما أنزله عليهم من الخذلان وأنالهم إياه من الهوان أنهم على مضلة من الغي والعمى وبعد من الرشد والهدى فضرعوا إلى أمير المؤمنين في السلم والموادعة وتحملوا بذلا بذلوه تفاديا من الكفاح والمقارعة فأجابهم إلى ذلك متوكلا على الله تعالى ومتمثلا بقوله تعالى إذ يقول ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم ) وعاقد طاغيتهم على كتاب هدنة كتبه له وأقره في يده حجة مضمونة .
أشعرك أمير المؤمنين ذلك لتأخذ من هذه النعمة بنصيب مثلك من المخلصين وتعرف موقع ما تفضل الله تعالى به على الإسلام والمسلمين