بطالع السعادة المتجددة فعجب المملوك من وقوع ذلك من مثل مولانا مع كمال نبله وشرف عقله وعلمه فإن الله تعالى جل اسمه يقول ( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ) وإن ما جدده الله تعالى من مواهبه جدير أن يتلقى بالسرور والفرح لا بالاستياء والترح لا سيما والذكر إنما يتفضل على الأنثى بنجابته لا بحليته وصورته وقد يقع في الإناث من هو أشرف من الذكور طبعا وأجزل عائدة ونفعا وقد روي أن رسول الله قال : إذا رزق العبد الأنثى نادى مناد من السماء يا أهل الدار أبشروا بالرزق وإذا رزق نادى مناد من السماء يا أهل الدار أبشروا بالعز فليستقبل مولانا الرزق بالشكر فإن العز يتبعه ولا يعارض الله تعالى في إرادته ولا يستقل شيئا من هبته والله تعالى يعرفه يمن عهودها وسعادة قدومها وأن يسره بعدها بإخوة متتابعين متلاحقين يؤيدون أمره ويحيون بعد العمر الأطول ذكره .
أبو الفرج الببغاء .
لو كان الإنسان متصرفا في أمره بإرادته قادرا على إدراك مشيئته لبطلت دلائل القدرة واستحالت حقائق الصنعة ودرست معالم الآمال وتساوى الناس ببلوغ الأحوال غير أن الأمر لما كان بغير مشيئته مصنوعا وعلى ما عنه ظهر في الابتداء مطبوعا كان المخرج له إلى الوجود من العدم فيما ارتضاه له غير متهم ومولانا أيده الله مع كمال فضله وتناهي عقله وحدة فطنته وثاقب معرفته أجل من أن يجهل مواقع النعم الواردة من الله تعالى عليه أو يتسخط مواهبه الصادرة إليه فيرمقها بنواظر الكفر ويسلك بها غير مذاهب الشكر .
وقد اتصل بالمملوك خبر المولودة كرم الله غرتها وأطال مدتها وعرف مولانا البركة بها وبلغه أمله فيها وما كان من تغيره عند اتضاح الخبر وإنكار