برحت الممالك من بعض مواهبها وإطلاقها أن يقلد هذا السلطان الملك الأفضل أدام الله نصره من المملكة الحموية وبلادها وأمرائها وأجنادها وعربها وتركمانها وأكرادها وقضاياها وقضاتها ورعاياها ورعاتها وأهل حواضرها وبواديها وعمرانها وبراريها جميع ما كان والده C يتقلده وبسيفه وقلمه يجريه ويجرده من كل قليل وكثير وجليل وحقير وفي كل مأمور به وأمير يتصرف في ذلك جميعه ويقطع إقطاعاتها بمناشيره ويولي وظائفها بتواقيعه وينظر فيها وفي أهلها بما يعلم أن له ولهم فيه صلاحا ويقيم من هيبة سلطانه ما يغنيه أن يعمل أسنة ويجرد صفاحا .
وليحكم فيها وفيمن هو فيها بعدله ويجمع قلوب أهلها على ولائه كما كانوا عليه لأبيه من قبله وليكن هو وجنوده وعساكره أقرب في النهوض إلى مصالح الإسلام من رجع نفسه وأمضى في العزائم مما يشتبه بها من سيفه وقبسه .
وأما بقية ما يملى من الوصايا أو يدل عليه من كرم السجايا فهو بحمد الله تعالى غريزة في طباعه ممتزج به من زمان رضاعه وإنما نذكره ببعض ما به يتبرك ونحضه على أتباع أبيه فإنها الغاية التي لا تدرك والشرع الشريف أهم ما يشغل به جميع أوقاته وتقوى الله فما ينتصر الملك إلا بتقاته والفكرة في مصالح البلاد والرعايا فإنها مادة نفقاته واستكثار الجنود فإنهم حصنه المنيع في ملاقاته ومبادرة كل مهم في أول ميقاته وولايات الأعمال لا يعتمد فيها إلا على ثقاته وإقامة الحدود حتى لا ينصت في تركها إلى رقي رقاته ورعاية من له على سلفه خدمة سابقة واستجلاب الأدعية الصالحة لنا وله فإنها للسهام مسابقة وليمض في الأمور عزمه فإنه مذرب ويبسط العدل والإحسان فإنه بهما إلينا يتقرب وليأخذ بقلوب الرعايا فإنها تتقلب وليكرم وفادة الوفود ليقف بهم لنجاح