المقصوص في السنة ذكر حوضه الذي من شرب منه شربة فإنه بعدها لا يظما المنصوص على نبوته في الصحف المنزلة وبشرت به الهواتف نثرا ونظما وعلى آله وصحبه الذين فازوا من طاعته بالرتب الفاخرة وحازوا بالإخلاص في محبته سعادة الدنيا والآخرة وأقبلوا على حظوظهم من رضا الله ورضاه فلم يلووا على خدع الدنيا الساحرة صلاة دائمة الاتصال آمنة شمس دولتها من الغروب والزوال وسلم تسليما كثيرا .
وبعد فإن أولى الأمور بالنظر في مصالحها وأحقها بتوفير الفكر على اعتباد مناهجها واعتماد مناجحها أمر جهات البر التي تقرب بها السلطان الشهيد الملك المنصور قدس الله روحه إلى من أفاض نعمه عليه وتنوع في إنشائها فأحسن فيها كما أحسن الله إليه ورغب بها فيما عند الله لعلمه أن ذلك من أنفس الذخائر التي أعدها بين يديه وحل منها في أكرم بقعة نقله الله بها عن سريره إلى مقعد صدق عند ربه وعمر بها مواطن العباد في يوم سلمه بعد أن عفى بها معاقل الكفر في يوم حربه وأقام بها منار العلوم فعلا منالها وأعد للضعفاء بها من مواد البر والإلطاف مالو تعاطته الأغنياء قصرت عن التطاول إليه أموالها وأن نرتاد لها من إذا فوضنا إليه أمرا تحققنا صلاحه وتيقنا نجاحه واعتقدنا تنمية أمواله واعتمدنا في مضاعفة ارتفاعه وانتفاعه على أقواله وأفعاله وعلمنا من ذلك مالا نحتاج فيه إلى اختبار ولا اعتبار ولا يحتاج في بيان الخيرة فيه إلى دليل إلا إذا احتاج إليه النهار لنكون في ذلك بمثابة من ضاعف لهذه القرب أسباب ثوابها أو جدد لها وقفا لكونه أتى بيوت الإحسان في ارتياد أكفاء النظر لها من أبوابها .
ولما كان فلان هو الذي نبهت أوصافه على أنه ما ولي أمرا إلا وكان فوق ذلك قدرا ولا اعتمد عليه فيما تضيق عنه همم الأولياء إلا رحب به صدرا ولا طلع في أفق رتبة هلالا إلا وتأملته العيون لأجل رتب الكمال بدرا يدرك ما نأى من مصالح ما يليه بأدنى نظر ويسبق في سداد ما يباشره على ما يجب سداد الآراء ومواقع الفكر ونحن نزداد غبطة بتدبيره ونتحقق أن كل ما عدقنا به إليه