كذا فليباشر هذه الوظيفة السنية مفجرا ينابيع العلوم في أرجائها محققا للفتاوى بتسهيل مواردها وتقريب أوجائها موضحا طرقها بإقامة براهينه وأدلته مبديا دقائقها التي يشرق بها أفق الفكر إشراق السماء بنجومها والأفق بأهلته مظهرا من غوامضها ما يقرب على الأفهام مناله ويفسح لجياد القرائح مجاله وينقح لكل ذي ترو رويته ولكل مرتجل بديهته وارتجاله فإنه الكامل الذي قطع إلى بلوغ الغاية مسالك الليالي والإمام الذي غاص فكره من كل بحر لجج المعاني فاستخرج منها مكنون اللآلي مع أن علمه المهذب غني عن تنبيه الوصايا ملي بما يلزم هذه الوظيفة من الخصائص والمزايا فإن البحر يأبى إلا تدفقا والبدر إلا تألقا والله تعالى يزيده من فضله ويزين به أفق العلم ويزيد منا دنوا قرب محله .
الوظيفة الثالثة الحسبة .
وقد تقدم أن موضوعها التحدث على أرباب المعايش والصنائع والأخذ على يد الخارج عن طريق الصلاح في معيشته وصناعته وحاضرة الديار المصرية تشتمل على حسبتين .
الأولى حسبة القاهرة وهي أعلاهما قدرا وأفخمهما رتبة ولصاحبها مجلس بدار العدل مع القضاة الأربعة وقضاة العسكر ومفتى دار العدل وغيرهم وهو يتحدث في الوجه البحري من الديار المصرية في ولاية النواب وعزلهم .
قلت ولم تزل الحسبة تولى للمتعممين وأرباب الأقلام إلى الدولة المؤيدية شيخ فولاها للأمير سيف الدين منكلي بغا الفقيه أمير حاجب مضافة