فلا تعظيم بها فقال الكاتب إن الحال اقتضت رفعه من حيث إنه في هذا الموضع فاعل فزاد إنكاره عليه وقال متى رأيت الأمير فاعلا في هذا الموضع يحمل وينقل الحجارة على رأسه حتى تنسبه إلى هذا والله لولا سالف خدمتك لفعلت بك .
قال ابن حاجب النعمان ولما كان أرباب الأمور وولاتها من الخلفاء فمن دونهم ينقدون ما يكتب به الكتاب عنهم وما يرد عليهم من الكتب ويناقشون على ما يقع فيها من خطأ أو يدخلها من خلل ويقدمون الفاضل ويرفعون درجته ويؤخرون الجاهل ويحطون رتبته كان الكتاب حينئذ يتبارون على إقتناء الفضيلة ويترفعون عن أن يعلق بهم من الجهل أدنى رذيلة ويجهدون في معرفة ما يحسن ألفاظهم ويزين مكاتباتهم لينالوا بذلك أرفع رتبة ويفوزوا بأعظم منزلة .
ولما انعكست القضية في تقديم من غلط بهم الزمان وغفل عنهم الحدثان واستولت عليهم شرة الجهل ونفرت منهم أوانس الرياسة والفضل وصار العالم لديهم حشفا والأديب محارفا والمعرفة منكرة والفضيلة منقصة والصمت لكنه والفصاحة هجنه اجتنبت الآداب اجتناب المحارم وهجرت العلوم هجر كبائر المآثم .
ولو أنصف أحد هؤلاء الجهال لكان بالحشف أولى وبالحرفة والمنقصة أجدر وأحرى لكنه جهل الواجبات وأضاعها وسفه حق المروءة وأفسد أوضاعها ويوصف بالحي الناطق والصامت أرجى منه عند أهل النظر وذوي الحقائق