معاذا وغيره إني بعثت إليكم كاتبا قال ابن الأثير في غريب الحديث أراد عالما سمي بذلك لأن الغالب على من كان يعلم الكتابة أن عنده علما ومعرفة وكان الكاتب عندهم قليلا وفيهم عزيزا .
أما في الاصطلاح فقد عرفها صاحب مواد البيان بأنها صناعة روحانية تظهر بآلة جثمانية دالة على المراد بتوسط نظمها ولم يبين مقاصد الحد ولا ما دخل فيه ولا ما خرج عنه غير أنه فسر في موضع آخر معنى الروحانية فيها بالألفاظ التي يتخيلها الكاتب في أوهامه ويصور من ضم بعضها إلى بعض صورة باطنة قائمة في نفسه والجثمانية بالخط الذي يخطه القلم وتقيد به تلك الصورة وتصير بعد أن كانت صورة معقولة باطنة صورة محسوسة ظاهرة وفسر الآلة بالقلم وبذلك يظهر معنى الحد وما يدخل فيه ويخرج عنه ولا شك أن هذا التحديد يشمل جميع ما يسطره القلم مما يتصوره الذهن ويتخيله الوهم فيدخل تحته مطلق الكتابة كما هو المستفاد من المعنى اللغوي على أن الكتابة وإن كثرت أقسامها وتعددت أنواعها لا تخرج عن أصلين هما كتابة الإنشاء وكتابة الأموال وما في معناهما على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
إلا أن العرف فيما تقدم من الزمان قد خص لفظ الكتابة بصناعة الإنشاء حتى كانت الكتابة إذا أطلقت لا يراد بها غير كتابة الإنشاء والكاتب إذا أطلق لا يراد به غير كاتبها حتى سمى العسكري كتابه ( ( الصناعتين الشعر والكتابة ) ) يريد كتابة الإنشاء وسمى ابن الأثير كتابه المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر يريد كاتب الإنشاء إذ هما موضوعان لما يتعلق بصناعة الإنشاء من علم البلاغة وغيرها