فيقال الإنسان صار إلها ولا ينعكس فلا يقال الإله صار إنسانا كالفحمة تطرح في النار فيقال صارت الفحمة نارا ولا يقال صارت النار فحمة وهي في الحقيقة لا نار مطلقة ولا فحمة مطلقة بل هي جمرة .
ويقولون إن الكلمة اتحدت بالإنسان الجزئي لا الكلي وربما عبروا عن الاتحاد بالامتزاج والادراع والحلول كحلول صورة الإنسان في المرآة .
ومنهم من يقول إن الكلمة لم تأخذ من مريم شيئا لكنها مرت بها كمرور الماء بالميزاب وإن ما ظهر من شخص المسيح عليه السلام في الأعين هو كالخيال والصورة في المرآة وإن القتل والصلب إنما وقعا على الخيال .
وزعم آخرون منهم أن الكلمة كانت تداخل جسد المسيح أحيانا فتصدر عنه الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وتفارقه في بعض الأوقات فترد عليه الآلام والأوجاع ثم هم يقولون إن المعاد إنما هو روحاني فيه لذة وراحة وسرور ولا أكل ولا شرب ولا نكاح .
ومن فروعهم أنهم يختتنون ولا يأكلون الحيوان إلا بعد التذكية وقد حكى ابن العميد مؤرخ النصارى أن ديسقرس صاحب مذهب اليعقوبية حين ذهب إلى ما ذهب من مذهبه المقدم ذكره رفع أمره إلى مركان قيصر ملك الروم يومئذ فطلبه إلى مدينة خلقدونية من بلاد الروم وجمع له ستمائة وأربعة وثلاثين أسقفا وناظروه بحضرة الملك فسقط في المناظرة فكلمته زوجة الملك فأساء الرد فلطمته بيدها وتناوله الحاضرون بالضرب وأمر بإخراجه فسار إلى القدس فأقام به وأتبعه أهل القدس وفلسطين ومصر والإسكندرية وقد اتبعه على ذلك أيضا النوبة والحبشة وهم على ذلك إلى الآن